وما توصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه، يتوصل به إلى التفضيل. ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزًا؛ فيقال: هو أشد استخراجاً وحمزة (١).
(١) - إذا كان الفعل جامدا؛ كعسى وليس، أو غير قابل للتفاضل؛ كمات وفني، لم يجز التفضيل منه مطلقا بطريق مباشر أو غير مباشر، لأن الجامد لا مصدر له، وعدم التفاوت يفقد الأساس الذي يقوم عليه التفاضل، وفي المنفي والمجهول خلاف بين النحاة؛ لأن مصدرهما مؤول فيكون معرفة؛ فلا يصلح نصبه تمييزا لأشد ونحوه، وهو ما ينبغي أن يعرب به المصدر هنا. والتحقيق صحة التفضيل منها بالطريقة غير المباشرة؛ لصحة مجيء كلمة "عدم" قبلهما، ولصحة التنكير في بعض الأحوال. أما ما عدا ذلك مما فقد الشروط، فيتوصل إلى التفضيل منه بصوغ اسم تفضيل من "أشد" ونحوه مما يناسب المعنى، ويوضع مصدر الفعل غير المستوفي للشروط بعده، منصوبا على التمييز كما بينا. ويقوم مقام المصدر: اسم فاعل، أو اسم مفعول في آخره ياء مشددة وتاء؛ تقول: هو أشد ضاربية، ومضروبية، من غيره، كما سبق.
ويلاحظ أن "أشد" ونحوه في باب التعجب فعل، أما هنا فاسم.
هذا: وقد ذكر النحاة أن الألفاظ الدالة على العيوب والألوان لا يصاغ منها "أفعل" مباشرة، إذا كانت هذه العيوب والألوان ظاهرة. وسمع من ذلك: أسود من حلك الغراب، وأبيض من اللبن، وقيل: إن هذا شاذ لا يقاس عليه، ولا ندري السبب في عدم القياس، وما ذكروه من علل غير مقنع، والرأي جوازه، إذا لم يحصل لبس بصيغة أخرى، وقامت قرينة على التفضيل، أما العيوب والألوان المعنوية فتصح الصياغة منها مباشرة؛ مثل: فلان أبله من فلان، وأحمق منه، وأرعن منه، وأخرق منه، وأبيض سريرة منه، وأسود قلبا منه .... وهكذا، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
وما به إلى تعجب وصل … لمانع به إلى التفضيل صل*
أي أن ما يتوصل به إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط، بسبب
* "وما" اسم موصول مبتدأ. "به" متعلق بوصل على أنه نائب فاعله قدم عليه، وساغ ذلك لأنه جار ومجرور يتوسع فيهما. "إلى تعجب" متعلق بوصل، والجملة صلة. "لمانع" متعلق بوصل أيضاً. "به إلى التفضيل" متعلقان بصل. "صل" فعل أمر، والجملة خبر المبتدأ.