وإن كان الكلام غير موجب: فإن كان الاستثناء متصلا (١) فالأرجح اتباع المستثنى للمستثنى منه (٢)، بدل بعض عند البصريين، وعطف نسق عند الكوفيين (٣)، نحو: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُم﴾، ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَك﴾، ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ (٤)، والنصب عربي جيد، وقد قرئ به في السبع في "قليل"، و"امرأتك".
وإذا تعذر البدل على اللفظ، أبدل على الموضع، نحو: لا إله إلا الله، ونحو: ما فيها من أحد إلا زيد، برفعهما (٥)، وليس زيد بشيء إلا شيئا لا يعبأ به، بالنصب (٦)؛ لأن "لا"
(١) هو ما يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه، ويحكم على أحدهما بضد ما يحكم به على الآخر، سواء كان المستثنى منه متعدد الأفراد، والمستثنى أحد تلك الأفراد، نحو: زرت الزملاء إلا محمدا، أو كان المستثنى منه فردا ذا أجزاء، والمستثنى جزء من تلك الأجزاء، نحو: نظفت الحجرة إلا شباكا، وفي الحالتين يكون ما بعد إلا مخالفا في الحكم لما قبلها.
(٢) أي في إعرابه فيكون مثله، مرفوعا، أو منصوبا، أو مجرورا.
(٣) لأن "إلا" عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصة، وهي بمنزلة "لا" العاطفة، في أن ما بعدها يخالف ما قبلها.
(٤)"الضالون" بدل من الضمير المستتر في "يقنط"، بدل بعض من كل، و"امرأتك" بالرفع بدل من "أحد" كذلك، و"قليل" بدل من الواو في "فعلوه" أيضا، ولا يعترض بعدم وجود الضمير الرابط؛ لأن "إلا" إلا أغنت عنه، لدلالتها على إخراج الثاني من الأول، وكونه بعضا منه، والجمع عطف نسق عند الكوفيين.
(٥) قيل: لفظ الجلالة بدل من محل الاسم قبل دخول "لا"، أو من محل لا مع اسمها. وفي القولين ضعيف؛ لأن هذا المحل قد زال بدخول الناسخ، والمختار أنه بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، ولا يجوز النصب؛ لأن "لا" الجنسية لا تعمل في معرفة، ولا في موجب، و"زيد" بدل من محل أحد؛ لأن محله رفع بالابتداء، ولا يجوز الخفض على اللفظ؛ لأنه موجب بإلا، و"من" الزائدة لا تعمل في موجب.
(٦)"شيئا" بدل من محلي "بشيء"؛ لأنها في موضع نصب على الخبرية بليس، ولا يجوز