للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجب نصب المستثنى (١)، نحو: ﴿فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ﴾ (٢)، وأما قوله:

عادت تغير إلا النؤي والوتد (٣)

فحمل تغير على "لم يبق على حاله"؛ لأنهما بمعنى.

النفي، كالإنكاري، والتوبيخي.

(١) سواء كان متأخرًا عن المستثنى منه، أم متقدما عليه. متصلا كان الاستثناء أم منقطعا، ويقال في الإعراب: "إلا" حرف استثناء، والمستثنى منصوب على الاستثناء.

(٢) فـ"قليلا" منصوب على الاستثناء وجوبا؛ لأن الكلام موجب ليس فيه نفي أو شبهه، والمستثنى منه مذكور، وهو الواو في "شربوا"، وأما قوله: " ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ برفع لفظ الجلالة، فإن "إلا" في الآية ليست حرف استثناء، وإنما هي اسم بمعنى "غير" صفة للآلهة، ونقل إعرابها إلى ما بعدها، لكونها على صورة الحرف.

(٣) عجز بيت من البسيط للأخطل التغلبي الأموي، وصدره:

وبالصريمة منهم منزل خلق

اللغة والإعراب: الصريمة: اسم موضع، وأصله: المنقطع من الرمل، خلق: بال. عاف: دارس مندثر. النؤي: جدول صغير يحفر حول الخباء لمنع السيل عنه "بالصريمة جار ومجرور خبر مقدم "منهم" متعلق بمحذوف من منزل، الواقع مبتدأ مؤخر، أي متخلفا منهم، "خلق" صفة لمنزل "عاف" صفة ثانية، "تغير" الجملة صفة ثالثة، "إلا" حرف استثناء" النؤي" بدل من فاعل تغير، "والوتد" معطوف عليه.

المعنى: أن بهذا الموضع منزلا باليا، خلفه القوم تغيرت حالة ودرست معالمه ولم يبق منه إلا الحفرة التي كانت حوله، والوتد الذي يربط به الخباء أو الدواب.

الشاهد: رفع "النؤي" على البدلية؛ لأن الكلام ليس تاما موجبا، كما يدل ظاهره، بل هو منفي في المعنى؛ لأن تغير وهو العامل في ضمير المستثنى منه، وهو المنزل -في معنى عامل منفي وهو "لم يبق على حاله"، كما ذكر المصنف.

وذهب بعضهم إلى أن "إلا" هنا حرف استدراك بمعنى لكن، وما بعدها مبتدأ حذف وخبره، ومثل قوله : "كل أمتى معافى إلا المجاهرون"، أي لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون.

<<  <  ج: ص:  >  >>