فأما "ما" فأجمعوا على اسميتها (٢)؛ لأن في "أحسن" ضميرًا يعود عليها (٣)، وأجمعوا على أنها مبتدأ لأنها مجردة للإسناد إليه. ثم قال سيبويه: هي نكرة تامة (٤) بمعنى شيء، وابتدئ بها لتضمنها معنى التعجب (٥)، وما بعدها خبر (٦)؛ فموضعه رفع. وقال الأخفش: هي معرفة ناقصة (٧)؛ بمعنى الذي، وما بعدها صلة فلا موضع له. أو نكرة ناقصة (٨)، وما بعدها صفة فمحله رفع، وعليهما فالخبر محذوف وجوباً؛ أي شيء عظيم (٩).
(١) - أي: قياسيتان في التعجب، يدلان عليه بالوضع لا بالقرينة كغيرهما. وقد يتضمنان أحيانًا مع التعجب غرضا آخر؛ كالمدح أو الذم؛ كما سيأتي بعد.
(٢) - وهي علامة التعجب؛ ولذا تسمى:"ما التعجبية". ويجب تقديمها على الفعل.
(٣) - أي: والضمير لا يعود إلا على الأسماء، وهذا الضمير هو فاعل "أحسن"، وهو مستتر وجوباً، ويكون مفردا مذكرا غالباً.
(٤) - يراد بالنكرة: أنها بمعنى شيء أي شيء. وبالتمام: أنها غير موصوفة بشيء بعدها، وقد أفادها التنكير الإبهام، وهو يناسب التعجب؛ لأنه يكون فيما خفي سببه.
(٥) - ذلك لأنها توجه الذهن إلى أن ما بعدها عجيب، وأن الذي أوجده عظيم؛ فلها دخل في إفادته. أما الموضوع للتعجب فهو الجملة بتمامها.
(٦) - أي عن الجملة الفعلية، والتقدير: شيء من الأشياء أحسن زيدا؛ أي جعله حسنا، وهذا باعتبار الأصل. أما الآن فليس المقصود بهذا التركيب الإخبار؛ بل المراد إنشاء التعجب؛ ولذا جاز استعماله في التعجب مما يستحيل كونه بجعل جاعل؛ كالتعجب من صفاته -تعالى- كما أسلفنا قريبا في نحو: ما أقدر الله، وما أعلمه … إلخ.
(٧) - أي اسم موصول؛ لأنها تحتاج في إفهام المراد منها إلى الصلة.
(٨) - أي موصوفة بمعنى شيء، تحتاج إلى صفة.
(٩) - ويؤخذ على قول الأخفش: أن فيه حذف الخبر من غير أن يسد مسده شيء. وفيه أيضا: