للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الاشتغال ١:

إذا اشتغل فعل٢ متأخر، بنصبه لمحل ضمير اسم متقدم، عن نصبه للفظ ذلك الاسم، كزيدا ضربته، أو لمحله، كهذا ضربته، فالأصل أن ذلك الاسم يجوز فيه وجهان: أحدهما راجع لسلامته من التقدير، وهو الرفع بالابتداء، فما بعده في موضع رفع على الخبرية، وجملة الكلام حينئذ اسمية٣، والثاني مرجوح لاحتياجه إلى التقدير، وهو النصب، فإنه بفعل موافق للفعل المذكور٤ ... ... ... ... ...


هذا باب الاشتغال:
١ الاشتغال عند النحاة هو: أن يتقدم اسم واحد، ويتأخر عند عامل مشتغل عن العمل في ذلك الاسم، بالعمل في ضميره مباشرة، أو في سببه، بحيث لو فرغ من ذلك المعمول وسلط على الاسم المتقدم، لعمل فيه النصب لفظا أو محلا، والمراد بسببي الاسم المتقدم: كل شيء له صلة وعلاقة به، من قرابة أو صداقة أو عمل، ومن هذا التعريف يتبين لنا أنه لا بد في الاشتغال من ثلاثة أمور: مشغول أو مشتغل، وهو العامل المتأخر، ومشغول به، للفعل، ثم ترك مكانه للضمير، ويجب أن يتصل الاسم المتقدم بعامله إن كان فعلا، ويجوز الفصل بتوابع الاسم المضاف إليه، أما إذا كان وصفا، فيجوز الفصل.
٢ أي متصرف، أو اسم بشبهه، وهو هنا: اسم الفاعل، واسم المفعول، وصيغة المبالغة، ولا يكون صفة مشبهة، ولا تفضيلا، ولا وصفا آخر؛ لأن ما بعد الثلاثة لا يجوز أن يسبقها، وأجاز بعضهم الاشتغال مع المصدر واسم الفعل، على القول بجواز تقدم معمولهما عليهما، ومع "ليس"، على رأي من يجيز تقدم خبرها عليها.
٣ لأنها مصدرة بالاسم الذي جعل مبتدأ.
٤ إما لفظا ومعنى، كمثال المصنف، فإن التقدير: ضربت زيدا ضربته، أو معنى فقط، نحو محمدا مررت به، فإن تقديره جاوزت محمدا مررت به، أو غير موافق لفظا ومعنى، ولكنه لازم للمذكور، نحو: محمدا ضربت أخاه، فإن ضرب الأخ يستلزم عرفا إهانة محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>