وذلك إذا سبقه نفي (١)، وكان مرفوعه أجنبيا (٢) مفضلًا على نفسه باعتبارين (٣)؛ نحو: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد (٤)؛ فإنه يجوز أن يقال: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد. والأصل أن يقع هذا الظاهر (٥) بين ضميرين: أولهما للموصوف (٦)، وثانيهما للظاهر (٧) كما مثلنا.
عاقب "أفعل" فعلا؛ أي حل محل الفعل؛ فإن رفعه الظاهر قد ثبت كثيرا عن العرب. ومثل الناظم لهذه الكثرة بالبيت الثاني، وسيذكر المصنف أصله، وما حدث فيه من حذف، ويمكن أن يحل محله فعل بمعناه؛ وهو: يحق.
(١) - أي: أو شبهه؛ وهو النهي والاستفهام الإنكاري على الصحيح. وبعد هذا ينبغي أن يكون أفعل التفضيل نعتا لاسم جنس، ليعتمد عليه ويقوى على رفعه الظاهر.
(٢) - المراد بالأجنبي هنا: ألا يكون متصلا بضمير يعود على الموصوف، ويدل على صلة بين "أفعل" ومنعوته؛ فيخرج نحو: ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه.
(٣) - أي أن ذلك الأجنبي يكون مفضلا على نفسه باعتبارين مختلفين. وهذا القيد يغني عما قبله؛ لأن الأجنبي لا يختلف بالاعتبار بل بالذات.
(٤) - "ما" نافية. "رجلا" مفعول رأيت. "أحسن" نعت لرجل إن كانت "رأى" بصرية، ومفعول ثان إن كانت علمية، وهو: اسم جنس مسبوق بنفي، "في عينه" حال من الكحل، أو ظرف لغاو متعلق بأحسن. "الكحل" فاعل أحسن، وهو أجنبي من الموصوف؛ لأنه لم يتصل بضميره، ومفضل على نفسه باعتبارين مختلفين؛ فكونه في عين زيد فاضل، وفي عين غيره مفضول. "منه" متعلق بأحسن. "في عين زيد" في عين حال من الهاء في منه، وزيد مضاف إليه.
المعنى: أن الكحل في عين زيد أحسن من نفسه في عين غيره من الرجال؛ فالمفضل والمفضل عليه شيء واحد، لكن فضل باعتبار مكان على نفسه في مكان آخر.
(٥) - أي الاسم الظاهر الذي هو فاعل لأفعل التفضيل.
(٦) - أي المنعوت بأفعل التفضيل، وهو في المثال: الهاء في "عينه".
(٧) - وهو الهاء في "منه" فيكون المفضول مذكورا. وقد يحذف الضمير الأول العائد على الموصوف إن دل على حذفه دليل؛ تقول: ما رأيت رجلا أحسن الكحل منه في عين زيد،