والثاني: نحو: ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا﴾، ونحو: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه﴾، فإنهما ليسا على معنى "في"(١)، فانتصابهما على المفعول به، وناصب "حيث" يعلم محذوفا (٢)؛ لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به إجماعًا (٣).
والثالث: نحو دخلت الدار، وسكنت البيت، فانتصابهما إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض، لاعلى الظرفية، فإنه لا يطرد تعدي الأفعال إلى الدار والبيت، على معنى "في"(٤)، لا تقول: صليت الدار، ولا نمت البيت (٥).
فصل: وحكمه النصب.
وناصبه اللفظ الدال على المعنى الواقع فيه (٦)، ولهذا اللفظ ثلاث حالات:
(١) فهما ليس ظرفين -مع أن يوما وحيث من أسماء الزمان والمكان؛ لأن المعنى يخافون نفس اليوم لا أن الخوف واقع فيه، وهو ﷾ يعلم المكان المستحق لوضع الرسالة، لا أن العلم واقع فيه.
(٢) ويدل عليه لفظ "أعلم" المذكور، أما ناصب "يوما" فهو يخافون.
(٣) دعوى الإجماع منقوضة بنحو قوله -تعالى-: ﴿هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا﴾، ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾، فإن "سبيلا" مفعول به لأهدى، وليس تمييزا؛ لأنه ليس فاعلًا في المعنى، و"من" مفعول به "لأعلم" وكلاهما أفعل تفضيل، وفي إعراب "حيث" في الآية مفعولا به لا ظرفا خروج عن طبيعتها؛ لأنها لا تتصرف وجعلها مفعولا نوع من التصرف.
(٤) أي: بحسب الاستعمال الصحيح، لا بحسب المعنى.
(٥) لأن الدار والبيت من أسماء المكان المختصة التي لها صورة وحدود معلومة، ولا ينصب على الظرفية من أسماء المكان إلا المبهم، كمكان وناحية وجهة … إلخ، أو ما اتحدت مادته ومادة عامله، كما سيذكر المصنف قريبًا.
(٦) سواء كان هذا اللفظ فعلا مطلقا تاما، أو ناقصا متعديا، أو لازما، نحو: جلست أمام المذياع، أم اسم فعل، أم مصدرا، نحو: المشي يمين الطريق أسلم. أم وصفا، سواء كان حقيقيا كاسم الفاعل واسم المفعول، أو وصفا تأويلا، بأن يكون اسما جامدا قصد به