للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاف في تقديم الأصح على الصحيح قائم بين أئمة المذهب، وهذا لا يتعلق بلفظي الصحيح والأصح فقط، وإنما «يقال ذلك في كل ما عبر فيه بأفعل التفضيل» (١).

إلا أن الطحطاوي جمع بين هذه الآراء ولم ير بينها تنافيا «لأن الآكدية لا تعين الإفتاء» (٢)، وهي لا تعني تقديم ما جاء بلفظ أفعل التفضيل على غيره، يقول معلقا على كلام ابن عابدين فيما نقله من رسالة آداب المفتي.

يقول الطحطاوي: «هذه العبارة لا تتنافى التخيير المستفاد من عبارة البحر ولا الآكدية المستفادة من عبارة الرملي ولا الأولوية المستفادة من عبارة المنية فمآل العبارات متفق» (٣).

وهذا الخلاف إذا ورد اللفظان في كتابين مختلفين، «أما لو كانا في كتاب واحد من إمام واحد فلا يتأتى الخلاف في تقديم الأصح على الصحيح، لأن إشعار الصحيح بأن مقابله فاسد لا يتأتى فيه بعد التصريح بأن مقابلة أصح، إلا إذا كان في المسألة قول ثالث يكون هو الفاسد» (٤).

[مثال على اصطلاح الصحيح]

قال الرملي لما سئل عن رجل مات وعليه دين لآخر، فصرفت ورثته جميع تركته في كفنه، وكفن مثله يتأتى؛ بسدسها، أو ربعها، أو أقل، أو أكثر، شيئا قليلا، هل يضمن الورثة الزائد على كفن المثل أم لا؟ (أجاب):

نعم؛ يضمن الورثة والحالة هذه، قال في ضوء السراج: وإن كان عليه دين وأراد الورثة أن يكفنوه كفن المثل، قال الفقيه أبو جعفر: ليس لهم ذلك،


(١) حاشية الطحطاوي ١/ ٤٩.
(٢) حاشية الطحطاوي ١/ ٤٩.
(٣) حاشية الطحطاوي ١/ ٤٩.
(٤) رسم المفتي لابن عابدين ص ٣٩.

<<  <   >  >>