للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وساق أمثلة من أجوبة أحمد حمل لفظ الكراهة فيها على التحريم ومن ذلك لما سئل عن النفخ في الصلاة قال: «يروى عن ابن عباس من نفخ فقد تكلم وأكره النفخ في الصلاة شديدا ولا أقول يقطع الصلاة» (١).

والمثال الآخر: لما سئل عن رد اليمين قال: «أكرهه» (٢) ثم ختم حديثه بعد الأمثلة بقوله: «كل ذلك عندي مؤذن بالتحريم» (٣)، وهذا أيضا ما اختاره الخلال وعبد العزيز غلام الخلال (٤)، ورأت طائفة أخرى أن دلالة هذه الألفاظ حسب ما ترشد إليه القرينة، ومن هؤلاء ابن حمدان والمرداوي وابن مفلح وابن تيمية، وينقل المرداوي عن ابن حمدان في الرعايتين والحاوي الكبير وآداب المفتي قوله: «الأولى النظر في القرائن في الكل» (٥)، ثم يعقب بقوله: «وهو الصواب وكلام أحمد يدل على ذلك» (٦).

إلا أن ابن حامد ذكر خلافا في المسألة ورد أدلة مخالفيه وناقشها، والذي أراه أن حجة ابن حامد ضعيفة وأدلته لا تقوى على مواجهة أدلة الخصم حيث إن الأمثلة التي ساقها وحملها على التحريم تدل على الكراهة؛ كقول أحمد: أكره النفخ في الصلاة شديدا ولا أقول يقطع الصلاة، فقوله:

لا يقطع الصلاة دليل على تفسير لفظ أكره الوارد في هذا المثال بالكراهية


(١) - (٢) - (٣) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص ١٧٢.
(٤) تهذيب الأجوبة لابن حامد ص ١٧٤؛ صفة الفتوى لابن حمدان ٩٣. والخلال هو: أحمد بن هارون أبو بكر الخلال من كبار علماء المذهب، قال الذهبي: جامع علم أحمد ومرتبة، سمع من الحسن بن عرفة وسعدان بن نصر ومحمد بن عوف الحمصي وصحب أبا بكر المروذي، سمع مسائل الإمام من صالح وعبد الله أبناء أحمد وإبراهيم الحربي، حدث عن جماعة منهم أبو بكر عبد العزيز ومحمد بن المظفر والحسن بن يوسف الصيرفي، له تآليف منها: الجامع والعلل والسنة والطبقات وغيرها، توفي سنة ٣١١ هـ‍. طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ٢/ ١٢ - ١٥؛ تذكرة الحفاظ ص ٣،٧.
(٥) - (٦) تصحيح الفروع للمرداوي ١/ ٦٨.

<<  <   >  >>