للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما معجزات عيسى عند النصارى فتحفل الأناجيل بالحديث عن العشرات من المجانين والمصروعين والعميان والموتى والمشلولين الذين شفاهم السيد المسيح (١) وأحياناً يذكر إنجيل متى أن جموعاً كثيرة جاءت ليسوع فيهم العرج والعمى والخرس والشلل وطرحوا عند قدمي يسوع فشفاهم (٢).

[دعوته عليه الصلاة والسلام]

جاء في لوقا [٣: ٢٣] "كان يسوع في نحو الثلاثين من العمر عندما بدأ رسالته "

وقال الشهرستاني (٣): " وقد أوحى الله تعالى إليه إنطاقاً في المهد، وأوحى إليه إبلاغا عند الثلاثين. وكانت مدة دعوته ثلاث سنين" (٤).

وقد كانت دعوة كل رسول هي التوحيد أولاً، قال تعالى: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" [النحل: ٣٦] وذكر الإنجيل دعوة عيسى إلى التوحيد "إن أول الوصايا هي: "اسمع يا اسرائيل. الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك" مرقس (٢٩: ١٢، ٣٠) إلا أن أتباعه عليه السلام يفسرون هذه العبارة بالتثليث.

وقد ذكر الله دعوته في القرآن الكريم (وقال المسيح يا بني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) [المائدة: ٧٢]

ولقد كانت دعوة عيسى عليه السلام موجهة إلى بني اسرائيل قال الله تعالى: "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني اسرائيل" [آل عمران ٤٨ - ٤٩] وجاء عند النصارى ما يدل على أنها مقصورة على بني اسرائيل كما جاء ذلك في إنجيل متى (١٥: ٢٤) (لم أرسل إلا إلى خراف بني اسرائيل الضالة) وفي لوقا (١٦: ١) "ويرد كثيرين من بني اسرائيل إلى الرب إلههم"، أما الصنف الثاني ممن يدعوهم عيسى عليه السلام وهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في آخر الزمان لكن بشرع نبينا (٥).

وتعتبر عقيدة التثليث عند النصارى من أصول الاعتقاد التي لا يختلفون فيها في الجملة، وكان الملك الروماني قد جمع علماء النصارى في مجمع نيقية لمناقشة الخلاف في شخص المسيح، والذي حصل أن قسطنطين تبنى الرأي الذي اعتمد فيه تأليه المسيح وأنه من جوهر الله وفرضت هذه العقيدة على النصارى مؤيدة بالسلطان، مع العلم أن من نصر هذا القول كانوا أقلية (٦).


(١) انظر إنجيل متى في الاصحاحات / ٤: ٢٣ - ٢٥، ٨، ٩، مرقس ٣: ١ - ٦، لوقا ٦: ٦ - ١١ وأيضا ١٧ - ١٩
(٢) انظر إنجيل متى الاصحاحات ١٥: ١٢ و ٢٩: ١٥ - ٣١.
(٣) محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتح الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل، ونهاية الإقدام، شافعي الفقه، من كبار أئمة الأشاعرة. ترجمته في: لسان الميزان لابن حجر، (بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط ٣، ١٤٠٦ هـ- ١٩٨٦ م) ٥/ ٢٦٣
(٤) الملل والنحل للشهرستاني ص ٢٦٣.
(٥) لوامع الأنوار البهية للسفاريني ٤/ ٩٤، أشراط الساعة ليوسف الوابل ص ٣٥٨.
(٦) مرجع سابق: محاضرات في النصرانية، ص ١١٢ (بتصرف يسير).

<<  <   >  >>