هذان هما الشرطان الأساسيان للتعريف الصحيح، وهناك شرط ثالث يمكن أن يفهم من ضمنهما، وهو أن لا يتوقف العلم بالتعريف على العلم بالمعرف، وإلا لزم الدور وهو ممنوع عقلا، كتعريف العلم بأنه إدراك المعلوم، وذلك لأنه لا يعرف المعلوم حتى يعرف الحكم، فكيف يدخل المعلوم في تعريف العلم فهو إذن تعريف غير صحيح.
أخذ علماء فن آداب البحث والمناظرة قاعدتهم المشهورة التي يقولون فيها إن كنت ناقلا فالصحة أو مدعيا فالدليل. مثال: سورة البقرة: " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ".
إن المناظرة قد تعد طريقة منهجية قد يسير عليها الناهج، لكنها قد لا تكون السبيل النمطي المتعارف عليه الأوحد، ولكنها قد تتطور أو تستكمل بأشكال مستحدثة.
[٢. التعريفات اللازمة]
تحدد التعريفات اللازمة المطلوبة قبل الدخول في التناظر مثل:
١. النسخ ... وهل يعني نسخ اللفظ أم المعنى أم التحول لشيء آخر معنوي؟
٢. المتن ... وهل يعني التثليث أم متن النص؟
٣. السند ... وهل يعني سلسلة الرواة أم الروايات التاريخية فقط؟
٤. التحريف ... هل يعني التغيير ونقل اللفظ والمعنى أو كليهما أم سهو الكاتب؟
٥. صفات الله ... هل تعنى الصفات الملازمة للخالق سبحانه أم أقانيم تنفصل عنه؟
٦. النبي ... هل هو القدوة والمبلغ أم المبلغ فقط وليس معصوما؟
٧. التناقض والاختلاف ... والفرق بينهما؟
[٣. التسليم بالتصديق البديهي كالتصديق النظري]
التصديق البديهي: وهو كل قصة لا يحتاج التسليم بمضمونها إلى نظر واستدلال، وربما احتاج إلى التنبيه فقط بالنسبة إلى الغافل عن كونه بدهيا أو الغافل عنه أصلا. التصديق النظري: وهو كله قضية لا يجزم العقل فيها بثبوت المحمول للموضوع أو نفيه عنه، إلا بعد النظر فيها والاستدلال عليها، كقولنا: خالق العالم أزلي أبدي، ولذلك لابد من وجود أداة كالمنطق تكون سببا في عدم الوقوع في الخطأ في التفكير، والنظر إلى الأقوال بقلب مفتوح وعقل مستنير.
[ثالثا: قواعد منطقية جديدة للمتناظرين قبل التناظر]
أرى أن مبحث التثليث كان أولى بالبداية عند رحمت الله وابن تيمية مما سواهم؛ حتى لا يوقف المتناظر الحديث بعد مبحثي التحريف والنسخ - كما فعل فندر - فيكون بذلك قد فوت فرصة إثبات الإسلام عن طريق نقض التثليث، ولسبب آخر هو أنه لا يمكن البدء في التثليث بافتراض صحة ما قبله من النسخ والتحريف ولكن يمكن البدء بالتثليث ولا يعني هذا نقض التحريف فيكون الاستمرار في التناظر له معنى أقوى وأبلغ؛ حيث إن صلب الديانة تتمثل في التثليث. لاحظت عدم التركيز على قضية الصلب والفداء كباقي القضايا بالرغم أنها قضية مهمة ومن المهم أن يتم التركيز على جميع القضايا المهمة.