للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: من خلال كتاب ميزان الحق]

وردت أخطاء في بعض الآيات القرآنية الواردة في النصوص، ولكن ربما تكون أخطاء مطبعية مثل: [النساء: ١٥٩] " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " فقد أوردها على أنها آية ١٥٧ كذلك آية " .. ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم " [آل عمران: ١١٠] ذكر أنها آية ١٢٠.

يعتمد القس فندر على تفسير البيضاوي كثيرا، وحاولت جاهدا معرفة السبب إلا أني لم أقف على مصدر مؤكد فيه، وعزوت هذا الموضوع لبعض الاحتمالات الممكنة كما وأنه كان مشتهرا بين الناس - في ذلك الوقت - أو لربما وقع عليه فندر دون غيره من المفسرين، أو ربما لعدم تكلفه، وسهولته في تفسير الآيات، وأخيرا - ربما يكون بسبب قربه من الأفكار التي يود فندر الأخذ والاقتباس منها، على أنه للأمانة العلمية لم أجده ينقل كل ما في تفسير النص - كعادته - ويقتبس منها الاحتمال الذي يؤيد فكرته، ويقوي حجته، على الرغم من أن البيضاوي - على سبيل المثال - يورد في المسألة احتمالين لكن فندر لا يأخذ إلا بما يراه مناسبا لقضيته كما سنورد ذلك تفصيلا.

يورد فندر بعض الآيات القرآنية، والتي يستشهد منها، أن أهل الكتاب - زمن النبي - كانوا موجودين؛ حيث يقصد بذلك أنه لم يتم تحريف كتابهم حتى عصر النبي؛ فلفظة " كتاب " دالة على ما بأيديهم من الكتاب في ذلك الوقت وفي ذلك الزمان.

طريقة تفسيره لبعض الآيات غير علمية؛ ففي آية " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك" [يونس: ٩٤] .. فيقول أن القرآن يأمر محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل أهل الكتاب - إن حصل عنده شك في القرآن - ليتثبت به.

- ولايلزم من قوله: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ) (يونس: الآية ٩٤) أن يكون الشك جائزاعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أوواقعا منه. ألا ترى قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف: ٨١) هل يلزم منه أن يكون الولد جائزاعلى الله تعالى أوحاصلا؟ كلا، فهذا لم يكن حاصلا، ولاجائزاعلى الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (مريم: ٩٢) (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم: ٩٣). ولايلزم من قوله تعالى: (فَلاتَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (البقرة: الآية ١٤٧) أن كون الامتراء واقعا من الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع منه، ألاترى قوله تعالى: (وَلايَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلاتَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (القصص: ٨٧) ومن المعلوم أنهم لم يصدوا النبي صلى الله عليه وسلم عن آيات الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه شرك. والغرض من توجيه النهي إلى من لايقع منه: التنديد بمن وقع منهم والتحذيرمن منهاجهم، وبهذا يزول الاشتباه، وظن ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم (١).


(١) محمد بن صالح العثيمين، شرح أصول في التفسير، (السعودية: مؤسسة ابن عثيمين الخيرية، ط ١، ١٤٣٤ هـ). ص ٢٦٩ - ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>