للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤخذ عليه الآتي:

أولا: جميع أجزاء الآيات يستدل بها يقينا على ما يقول. يتبع طريقة " ولا تقربوا الصلاة .. "؛ فقد استدل بالآية الكريمة " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " [المائدة: ٤٣] على وجود التوراة الحقة، وكذلك الإنجيل في آيات أخرى، وهو لا يتعارض مع المفهوم الإسلامي إلا أن ورودها بهذا الشكل، وبهذه الطريقة، يحدث لبسا عند القارئ؛ فلو استطاع أن يكمل الآية ستعطي معنى مغايرا تماما لما يقول .. هذا بالإضافة إلى الخطأ في إيراد رقم الآية.

قال أبوجعفر: يعني تعالى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاءاليهود، يامحمد - صلى الله عليه وسلم -، بينهم، فيرضون بك حكمًا بينهم، "وعندهم التوراة" التي أنزلتهاعلى موسى، التي يقرُّون بها أنها حق، وأنها كتابي الذي أنزلته إلى نبيي، وأن ما فيه من حكم فمن حكمي، يعلمون ذلك لايتناكرونه، ولايتدافعونه، ويعلمون أن حكمي فيهاعلى الزاني المحصن الرجم، وهم مع عملهم بذلك، "يتولون ... يقول لهم تعالى ذكره: كيف تقرّون، أيها اليهود، بحكم نبيّي محمد - صلى الله عليه وسلم - مع جحودكم نبوته وتكذيبكم إياه، وأنتم تتركون حكمي الذي تقرون به أنه حق عليكم واجبٌ، جاءكم به موسى من عند الله؟ يقول: فإذْا كنتم تتركون حكمي الذي جاءكم به موسى الذي تقرّون بنبوّته في كتابي، فأنتم بترك حكمي الذيي خبركم به نبيِّي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه حكمي- أحْرَى، مع جحودكم نبوَّته (١).

الاستشهاد الخاطئ بآية " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون إلى أن قال ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " [المائدة: ٤٤] يشعر القارئ بأن المقصود هو عدم الحكم بالتوراة.

ثانيا: يكمل الآيات إذا كانت تؤيد دعواه فمن سورة الحديد (ثم قفينا على آثارهم برسلنا ... وكثير منهم فاسقون) [الحديد: ٢٧] مع عدم ذكر الآية - كاملا - فلجأ إلى حذف صدر الآية. أثبت - بطريقته تلك - صدق آيات التوراة والإنجيل على امتداد الإيمان بهما وإن حرفا.

ذكر عند إيراد آية - من سورة فاطر - أنها سورة الملائكة؛ فهو دليل على المعرفة بها؛ مما يشير إلى قراءته المختلفة في علوم الدين الإسلامي مع عدم اشتراط أن يكون ذلك دليلا على التعمق وسعة العلم والفهم.

ثالثا: استنتج استنتاجا غير علمي وبعيدا عن العقل والمنطق - فبعد ذكر كل ما سبق؛ عقب بأن الله يقول: أن من لا يقبل بهذه الكتب فسوف يعاقب، وأورد على هذا دليلا من القرآن، وباستخدام الفواصل التي تشعر القارئ بالوصل بين الآيات .. آية ٥٣ وآية ٧٠ من سورة غافر، وهذا مما يعد تفسيرا شخصيا لا أكثر .. " ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب " [غافر ٥٣]." الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون .. إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون .. في الحميم ثم


(١) تفسيرالطبري - (ج ١٠ / ص ٣٣٦).

<<  <   >  >>