للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الآخرين، ثم تطورت دعواتهم فتعددت وسائلها وكثرت مدارسها في الشرق وكان يعوقها تضارب بعضها مع بعض ولكنها عملت أخيرا على اتحاد نشاطها رغم اختلاف مذاهبها (١).

اتفق الكاثوليك والبروتستانت وتنوسيت الخلافات والمعارك الداخلية بين الفريقين، وأمست المؤتمرات المسيحية تجمع بين الفريقين ليواجهوا الإسلام معا (٢).

فمن عام ١٧٩٨ م إلى عام ١٨٨٢ م وفي مصر، قام البروتستانت - في بداية عملهم - بالتنصير بالعمل في أوساط المسلمين، وذلك في محاولة منهم لتجنب الصدام مع الكاثوليك - أصحاب النفوذ عند الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت - وعدم إثارة حفيظة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الموقورة، بعد أن أفقدتهم الكنيسة الكاثوليكية عددا لا يستهان به من أبنائها (٣).

[المؤسسات التنصيرية]

إنه عند مقارنة فندر سواء بسابقيه أولاحقيه لابد من الأخذ في الاعتبار أن عمله - في الأساس - عمل جماعي ينبثق من منظمة عمل جماعي تبشيري يطلق عليه CMS ومقرها الرئيسي في بريطانيا، وقد سبقها في العمل مع جامعة بازل والتي تخرج منها، لكن CMS هي منظمة تنصيرية نبعت من الاستعمارالبريطاني، وهدفها تدمير عقائد المسلمين بإنشاء وتشجيع الفرق الضالة: كالقاديانية والبهائية وغيرهما أو تنصير المسلمين؛ بإنشاء تلك المنظمات التنصيرية، وكانت تتبع شركة الهند الشرقية في الهند، وهي من كانت تدير شبه القارة حتى إعلان انضمام الهند بالكامل - كولاية - تحت دولة بريطانيا العظمى عقب فشل الثورة الهندية - آنذاك - وسيطرة الإنجليز عليها وقمعها بكل قوة.

وعند المقارنة بسابقيه لابد من وضع وسائل التنصير قبل الاستعمار في الاعتبار- إلا أنه قد وجد أنها لم تترك الأثر الذي تركته الحركة الصليبية وما تلاها في العمل التنصيري الممنهج حتى وإن كان فرديا مثل: ريموند لول - وكذلك وضع سابقيه داخل المنظمة ممن كان لهم التأثير الواضح، والانتشار الواسع، والحجة القوية قياسا على مجمل عددهم وكذلك وسائل تنصيرهم الحالية؛ كهنري مارتين (١٧٨١ م - ١٨١٢ م) والذي عمل محبوه على التوسع في أعماله وبعد وفاته قاموا بإنشاء منظمة تنصيرية تتبع اسمه وأطلق عليها HMT عام ١٨٨١ م.

وتبين لي من متابعة بعض المؤسسات التنصيرية مثل: منظمة هنري مارتين

حيث قمت بتصفح موقع المؤسسة " HMT" على الشبكة العالمية، فوجدت بعض المقالات العلمية التي تتحدث عن تجارب المنظمة، وأدوارها، وطبيعة عملها في مختلف دول العالم، ووقع بصري على ورقة بحثية - باللغة الانجليزية - لإحدى مديري تلك المؤسسة، وكان أول مدير لا يحمل الجنسية البريطانية - بل الباكستانية - وقد كتب عن هنري مارتين. بتصفح تلك الورقة والتي تتحدث في مقدمتها عن سيرته الذاتية وكيف وصل


(١) مرجع سابق: عبد الجليل شلبي، الإرساليات التبشيرية، ص ١٦٧ (بتصرف يسير).
(٢) محمد الغزالي، الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر، (القاهرة: مكتبة وهبة، ط ٣، ١٩٩٠ م)، ص ٨٩.
(٣) مرجع سابق: عبد الفتاح إسماعيل غراب، العمل التنصيري في العالم العربي، ص ٦٣.

<<  <   >  >>