للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونلاحظ أن كل القواعد مستمدة من القرآن الكريم في الأساس كمثل: قل هاتوا برهانكم - أو لم يتفكروا - ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها - لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ... الخ وكذلك تستمد القواعد من القواعد الجدلية المسلمة في المنطق.

وإن كانت قاعدة كل ما يدل على كذب الكاذب لا يدل على صدق الصادق والعكس صحيح هي قاعدة صحيحة إلا أني لا أتفق في الأخذ بها عند محاورة النصارى والأقوى هو فضح كذب الكاذب، وإثبات صدق الصادق كما فعل رحمت الله.

[ثانيا: الالتزام بشروط التعريف]

[الشرط الأول] يكون التعريف جامعا أو منعكسا: أي أنه لا يخرج عنه شيء من المفرد التصوري الذي يشرح به، ومعنى كونه مانعا أو مطردا أنه لا يسمح بدخول شيء من غير المفرد التصوري الذي يشرح به.

[الشرط الثاني]: أن يكون أجلى وأوضح من المفرد التصوري الذي نشرحه، فإذا كان قولنا الشارح (تعريفنا) أخفى من المفرد الذي نشرحه أو مماثلا له في الخفاء، فإن المخاطب لن يستفيد شيئا من شرحنا وتعريفنا، بل يبقى في جهالته، ولا يستطيع أن نتصور هذا المفرد الذي نشرحه له عن طريق قولنا، كتعريف الأسد للأعجمي بأنه (الغضنفر) أو (القسورة)، والقول الشارح هنا أبعد وأخفى أو مماثل في الخفاء للقول المشروح، وكتعريف النار بأنها (استقصى من ألطف الاستقصات) فهذا أيضا تعريف بالأخص، وكل ذلك غير صحيح، لاختلال شرط كون التعريف أوضح وأجلى من المعرف.

هذان هما الشرطان الأساسيان للتعريف الصحيح، وهناك شرط ثالث يمكن أن يفهم من ضمنهما، وهو أن لا يتوقف العلم بالتعريف على العلم بالمعرف، وإلا لزم الدور وهو ممنوع عقلا، كتعريف العلم بأنه إدراك المعلوم، وذلك لأنه لا يعرف المعلوم حتى يعرف الحكم، فكيف يدخل المعلوم في تعريف العلم فهو إذن تعريف غير صحيح (١).

أخذ علماء فن آداب البحث والمناظرة قاعدتهم المشهورة التي يقولون فيها إن كنت ناقلا فالصحة أو مدعيا فالدليل. مثال من القرآن: سورة البقرة: " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " (٢).

يجب أن يضمن ضمن القواعد: التعريف بالموضوع بشكل جيد، وكذا حدوده، وغاياته، والهدف المرجو منه، بالإضافة إلى التعريفات الأخرى محل البحث والمناقشة والنظر مثل:

١ - النسخ ... وهل يعني نسخ اللفظ أم المعنى أم التحول لشيء آخر معنوي؟

٢ - المتن ... وهل يعني التثليث أم متن النص؟

٣ - السند ... وهل يعني سلسلة الرواة أم الروايات التاريخية فقط؟


(١) المرجع السابق، ، ص ٦١.
(٢) المرجع السابق، ، ص ٣٦٥.

<<  <   >  >>