للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - التحريف ... هل يعني التغيير ونقل اللفظ والمعنى أو كليهما أم سهو الكاتب؟

٥ - صفات الله ... هل تعنى الصفات الملازمة للخالق سبحانه أم أقانيم تنفصل عنه؟

٦ - النبي ... هل هو القدوة والمبلغ أم المبلغ فقط وليس معصوما؟

ومن القواعد الكلية في المناظرات عدم المجادلة في البديهيات فالبديهي معيار يعول عليه في كشف الحق في مسائل الخلافيات، فلا يطلب إقامة الدليل على البديهي، وطلب الدليل على البديهي سفسطة وتعطيل للمناظرات وشغب، فالبديهيات ضروريات تقوم العلوم بها (١)، وما حاولت القيام به من تأصيل لقواعد هو محاولة نقل العلم التصوري الكسبي المعرفي في علوم المنطق إلى علم بدهي.

إن القواعد الجدلية ليست وليدة الساعة؛ فابن تيمية وريموند لول ورحمت الله قد أصلوا قواعدهم، لكن الجديد هنا هو ضبط تلك القواعد وتطويرها بشكل عصري أكبر قوة، وأكثر وضوحا. فإن دعيت للمناظرة فأجب واعرض تلك القواعد- بشكل ملزم - وإن كنت معللا فافرض تلك القواعد.

إن الكذب لا يمكن قبوله في علوم المنطق، كذلك منهج المواراة والكذب والتدليس؛ لأن المنطق يكون بحقائق مجردة. وكما نقل د. حمد إبراهيم العثمان في كتابه: " المتناظران لابد أن يرجعا في المسألة التي اختلفا فيها إلى كليات ليتم تحرير المسألة المختلف فيها. فلابد للطرفين من الموافقة على هذه الكليات، وإذا نوزع في هذه الكليات لم تنتظم مناظرة، ولم يمكن إقامة حجة ولا تقرير مذهب " (٢).

وللمختصين بعد ذلك كلام كثير حول هذا السؤال: أتكون الأسس الصورية المجردة التي استخلصها أرسطو من فكر عصره، هي نفسها الأسس التي لا تتغير في أي فكر وفي أي عصر وعند جميع الأمم ومختلف الثقافات؟ وكان الجواب على هذا السؤال، هو أن تلك الأسس إنما يضاف إليها أسس أخرى، كلما استحدث الإنسان ضربا جديدا من فاعلية التفكير (٣).

وبتطبيق القواعد السابقة نجد أن فندر كان بعيدا جدا عن مفهوم التعريف الواضح الدقيق، وتحرير المصطلحات، والإنصاف، بالإضافة إلى التعارض والتناقض في الأقوال، وعدم تقديم الأدلة البينة الواضحة والسند المتصل - كما تبين من المبحث السابق - والالتباس في فهم النصوص وعدم الرجوع إلى المصادر وتحقيقها، واتضح أن هذا الدين هو دين جديد لشخص يدعى بولس وليس من رسول موحى به من الله، ومن ذلك اتضحت قوة وغلبة الشيخ رحمت الله فيما ناظر فيه.

ما معنى الانتصار أو الغلبة؟


(١) د. حمد بن إبراهيم العثمان، أصول الجدل والمناظرة في الكتاب والسنة، (بيروت: دار ابن حزم، ط ٢، ٢٠٠٤ م)، ص ٤٧١.
(٢) المرجع السابق: أصول الجدل والمناظرة في الكتاب والسنة، ص ٥٤٠.
(٣) نيقولا ربشر، تطور المنطق العربي، ترجمة ودراسة وتعليق: د. محمد مهران، (القاهرة: دار المعارف، ط ١، ١٩٨٥ م)، ص ١٠.

<<  <   >  >>