للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسباب الوحي، وفي ضوء خلفيه فندر الروحية وتعارضها مع المجادلة في الأسباب يبقى الأمر محيرا وشيئا من اللغز! إلا أن ناقدا لاحقا يبرر ذلك بأنه قد كتب لا ليمس قلوب المسلمين بل لإقناع عقولهم، ويعتقد وليام موير أنه كتب يبررعن الثالوث - كانعكاس للعالم الطبيعي - أمثلة على التوحيد تبدو وكأنها حجة فرضية لازمة مثل أن الإله يجب أن يكون موجودا في الثالوث! وهذا أعطى لخصومه ميزة لا أساس لها من الصحة! .

المناظرة (١):

في أجرا تم تقديم لواحق كتاب الميزان إلى الأردية، ووزعت الكتب الثلاثة على نطاق واسع ولم يشمل التوزيع الجديد اللغة أو الأسلوب فقط، ولكن صممت - كذلك - بشكل يسهل على عوام المسلمين قراءتها، وسرعان ما بدأ المسلمون في الاستجابة لحججه في الرسائل والنشرات والمقالات في الصحافة الأردية. بعض هذه المراسلات ظهرت بين يناير وأغسطس ١٨٤٥ م في صحيفة " الإخوان خير " وتعاقب المسلمون عليها بسرعة، ووصف السير وليام موير هذا الجدل في مقال كتبه لأول مرة عام ١٨٤٥ م، وتم تنقيحه - في وقت لاحق - بأن معظم من استجاب من طلبة العلم للتغيير كان بسبب كتاب " حل الإشكال " الذي طبع عام ١٨٤٧ م وفي عام ١٨٥٤ م - أي بعد مرور عشر سنوات من التغيير الثقافي - قامت مناظرة مع أحد العلماء وأحد الرواد المسلمين من بلده وهو رحمت الله (١٨١٨ - ١٨٩١) م حيث دعا فندر للانضمام إليه في مناظرة عامة حيث كانت تعد تقليدا إسلاميا على مر التاريخ؛ فمنذ أقل من نصف قرن سابق شهد هنري مارتن هذا التحدي من قبل وقبله على مضض، كذلك شهد القرن السادس عشر - في أجرا - مجادلة المبشرين اليسوعيين لممثلي الديانات الأخرى في بلاط الإمبراطور "أكبر"، فربما حازت جميع الحوارات الجدلية - منذ وقت مبكر جدا - مساحة وعناية كبيرة بين اللاهوتيين المسيحيين والمتكلمين المسلمين. وفي سوريا - في القرنين السابع والثامن الميلاديين - قام الحوار الشهير بين النسطوري الكاثوليكي مارتيموثي (٧٨٠ - ٨٢٣) م والخليفة المهدي في دار الخلافة.

أبدى فندر - كما سبق لمارتن - تحفظاته على هذا النوع من الجدل وكتب إلى CMS أنه يدرك جيدا أنه لايأتي من وراء تلك المناظرات الخير الكثير، على الرغم من أنه لامفر منها؛ حيث لابد من تقديم الدليل الدامغ للمحمديين ليس عن طريق السيف، بل بالإقناع، ورأى من الحكمة قبول تحديهم.

المناظران الرئيسيان في تلك المناظرة هما فندر ورحمت الله، وتم دعمهما بمساعدين اثنين، واحد لكل منهما، كذلك بفريق مساعدين صغير، وقد اختار فندر توماس فالبي الفرنسي (١٨٢٥ - ١٨٩١) م كمساعد، وهو شاب خريج جامعة كامبردج، وكان أول أسقف للاهور،


(١) المناظرة: هي المحاورة بين فريقين حول موضوع لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر، فهو يحاول إثبات وجهة نظرة وإبطال وجهة نظر خصمه، مع رغبته الصادقة بظهور الحق والاعتراف به لدى ظهوره. عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، (دمشق: دار القلم، ط ٤، ١٩٩٣ م)، ص ٣٧١.

<<  <   >  >>