للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله، أقول وبالله التوفيق: في عصر النهضة الأوروبية - الآن - كما يُزعم، وفي عصر التخلف الحضاري للمسلمين، أو بتعبير أدق في عصر الحضارة النائمة، والذي بدأ منذ عدة قرون؛ مرحلة المخاض عقب الحمل، والتي بدأت بوادرها في الظهور منذ إنشاء الجامعات العلمية، وازدياد حركات البحث العلمي، والتأليف مع بدايات القرن العشرين وإلى الآن.

في هذا الوقت تظهر محاولات استعمارية صهيونية وكذلك تبشيرية على الساحة؛ للنيل من الإسلام وأهله، وإظهاره بمظهر الضعف؛ ففي حين ينكر كثير من الغربيين أي اقتباس للحضارة الأوروبية الحديثة من الحضارة الإسلامية، يحاولون إثبات أن المسلمين طوروا منهجا جديدا، وتقنيات حديثة - في نهاية القرن التاسع عشر- بالاقتباس من نور الحضارة الأوروبية، وثمرة من ثمراتها؛ للنيل من النصرانية، وللرد والطعن في كتبهم المقدسة.

إنه بعد المناظرة التي حدثت - في نهاية القرن التاسع عشر- بين الشيخ رحمت الله الهندي، والقس فندر، ظهر بجلاء ضعف الأدلة والحجج والبراهين التي يسوقونها لإثبات عقيدتهم، فحاول الأوروبيون المحدثون - وكما فعلوا في الماضي - تغيير مجرى الأحداث، وتصويرها على أنها إتقان أساليب متطورة وحديثة، اخترعها المسلمون من وهب الحضارة الأوروبية؛ ادعاء ليصرفوا كفة الميزان تجاههم مرة أخرى.

والجدير بالذكر أن ذاك الزعم - كما سيتضح لاحقا - قد خبره وعلمه - في أكبر المناظرات التي حدثت في التاريخ الحديث - مساعد القس فندر- وهو القس فرنج - ساعة المناظرة الصغرى التي دارت في بيته قبل المناظرة الكبرى فهل لم يخبر القس فرنج القس فندر بذلك؟ !

من هذا المنطلق، رأيت أن أبدأ في عرض الموضوع من زاوية أخرى لعلها جديدة. أرى أن أتناول بالتحليل والمقارنة منهج كليهما في نقد الكتب المقدسة - محاولا - أن أضع يدي على صيغة ومنهج جديد متواضع، تكون مقبولة عند عامة الناس.

إن هذا البحث لا يناقش المناظرة كما تم بحثها من قبل، حيث كانت هناك محاولات عديدة في هذا الشأن، لكن الجديد الذي أقدمه هو التوصل إلى إبراز منهج كل من الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر، ثم وضع نتائج هذا التصور - بعد المقارنة بينهما- على أساس منهج علمي، واضح، وثابت، عند المناظرات. هذا يستلزم دراسة كتب كل منهما، بالتفصيل والتحليل الدقيق؛ للتوصل إلى وضع قواعد علمية؛ والتي بإمكان تحصيل مدعيها من المتحاورين طريقة مشروعة لإلزام خصمه. وفي الختام، أدعو الله بالتوفيق والسداد في الأمر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

لتعريف عنوان الرسالة أبدأ فيه بتعريف عبارة "منهج دراسة الأديان" والذي هو طريق دراسة الدين عند كل من الشيخ والقس، ومقارنة خصائص كل منهما - بعد الاستقراء

<<  <   >  >>