للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ريموند لول (١):

قد سبق فندر المنصر اليسوعي (جيروم كزافييه) والذي عمل في لاهور على فتح باب الجدل في مسائل التوحيد والتثليث وألوهية المسيح وصحة الكتب المقدسة، فسبب ذلك قيام أحمد بن زين العابدين بتأليف كتابه: (الأنوار الإلهية في دحض خطأ المسيحية).

ثم جاء المنصر هنري مارتين والذي وضع أساسا قويا للتنصير بترجمة الإنجيل إلى الفارسية والأردية (٢).

وسبقهما ريموند لول ١٣١٤ هـ، ولكن المسلمين قتلوه عام ١٣١٥ هـ، وهو أول من تولى التبشير بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها فتعلم اللغة العربية، وجال في بلاد الشام، وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة، كما تبع فندر صفدر علي وعماد الدين.

اعتمد ريموند لول في خطته لتنصير المسلمين التالي:

١ - إصدار الكتب التي تشرح الخطط.

٢ - إنشاء الجامعات التي تعلم الكيفية.

٣ - تعليم اللغة العربية في الجامعات.

وأشارت بعض المصادر على أن لول قد أوصى أحيانا باستخدام العنف في التنصير إذا لم تفلح الطرق السلمية في ذلك (٣).

وقد كان التبشير هو البديل النصراني للحملات الصليبية الفاشلة في تحطيم العالم الإسلامي أو محوه من الوجود، وأصبح القرآن الكريم موضوعا للتبشير، وأصبحت ترجمته إلى اللغات الأوروبية أحد الأغراض الأساسية للتبشير (٤).

بدأ تلاعب الغربيين بترجمات القرآن الكريم بتصدي غير المؤهلين منهم لهذا العمل غير الهين، فقام مترجمون من الدرجة الثانية والثالثة بهذه المهمة الجليلة، كما عامل هؤلاء المترجمون النص القرآني معاملة المؤلفات البشرية، ولم تكن هذه المعاملة موضوعية علمية بل كانت معاملة غير أمينة، كذلك كان هدفها لي النص وتمزيقه؛ كي يكون مولودها مشوها يلائم مهمته غير النبيلة التي لم يخفها المترجمون (٥).


(١) ريمون لول (١٢٣٥ - ١٣١٥) م - شخصية عجيبة - فيلسوف متواضع، ولعله لولا محاولة منطقية سبق بها ليبنتزلم يكن اسمه ليذكر في تاريخ الفلسفة، ولد بجزيرة ميورقة في أسرة غنية، ولما أتم دراسة الفنون الحرة، حوالي الرابعة عشرة، انتظم في سلك الغلمان بالبلاط الأسباني وعاش عيشة لهو وقصف، ... أقبل على اللاتينية يجودها، وعلى المنطق، وصرف في ذلك تسع سينين وضع بعدها مؤلفه الأول والأشهر " الفن الأكبر " أو " الفن الكلي " ثم أعقبه بمؤلفات كثيرة في المنطق وفي الرد على ابن رشد والرشديين. كان لاهوتيا فيلسوفا متصوفا، وله في ذلك كتب باللاتينية، وكان أديبا دون القصص ونظم الشعر، وخاصة بلغته القطالونية، ومما نظمه بها كتاب في منطق الغزالي، وآخر في العروض والجوهر، وكان متضلعا في العربية حتى نقل عنها وصنف بها. انظر: يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الأوروبية في العصر الوسيط، (القاهرة: دار هنداوي، د. ط، ٢٠١٢). ص ١٧٣ وما بعدها.
(٢) انظر إظهار الحق، تحقيق د. الملكاوي، ص ٢٢ وما بعدها.
(٣) انظر: على بن نايف الشحود، موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة (١٦)، الإلحاد، ج ٤٦، ص ٣٠٢.
(٤) عبد الراضي عبد المحسن، ماذا يريد الغرب من القرآن، (الرياض: مجلة البيان، ط ١، ٢٠٠٦ م)، ص ٣٧.
(٥) المرجع السابق، ص ٤٨.

<<  <   >  >>