للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتبين من خلال معاصريه أن فندر كان مجادلا قد تحول إلى البروتستانتية إما إرضاء لزوجته أو بهدف الطمع الدنيوي أو بكليهما معا.

بعد عرض السابقين والمعاصرين للقس فندر نتعرف الآن على لاحقيه، والأمثلة كثيرة (١):

إنه في أثناء الحروب الصليبية أدرك أصحاب المشاريع الصليبية في الغرب الأوروبي، خطورة مصر وأهميتها بالنسبة إلى مشاريعهم، بوصفها القاعدة الكبرى التي ارتكز عليها الأيوبيون في حروبهم مع الغربيين في الشام، والتي استمد منها صلاح الدين معظم موارده البشرية والمادية لذلك دخلت الحركة الصليبية مع بداية القرن الثالث عشر مرحلة جديدة شهدت استئثار مصر بالجزء الأكبر من اهتمام الصليبيين، ودار العمل التنصيري في هذه الفترة على عدة محاور من خلال دخول مصر والعمل على خلق قاعدة مسيحية وطنية ومحاولة التقرب من رأس الكنيسة القبطية (٢).

فمن جانب الكاثوليك واعتمادا على الأطروحة التي تقدم بها ريموند لول الفرنسيسكاني، ورسالة وليم الطرابلسي الدومنيكاني في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر واللتين رسمت من خلالهما الخطوط العريضة، التي ارتشف منها العمل التنصيري رشفة مازالت تحييه إلى الآن، يتضح لنا أن بعض الآباء الفرنسيسكان والدومنيكان كانوا من أوائل المخططين للعمل التنصيري الكاثوليكي بين العرب والمسلمين بل المنفذين له أيضا، والذين دخلت مؤسساتهم مع الحروب الصليبية ... ثم اشتد الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس على أماكن النفوذ في الأماكن المقدسة بالعالم العربي في أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر (٣).

والفرق بين هذه الجماعات والجماعات البروتستانتية، أن - الأخيرة - لم تأت بتعاليم جديدة تخالف ما درجت عليه الكنيسة الكاثوليكية، وبعض المؤسسين لهذه الجماعات كان عملهم مجرد اعتزال لحياة الناس، وعكوفا على العبادة، وحملهم إخلاصهم الديني على بث أفكارهم


(١) وحديثا يرى زكريا بطرس أن الإنترنت قد كسرت حواجز الثقافة واللغة وأشياء أخرى كثيرة. قسم المبشرون- حديثا - العمل التبشيري من خلال عصور ثلاثة: القديم والوسيط والحديث وأبرزوا أهم المبشرين: يوحنا الدمشقي. فرانسيس الأسيسي. صموئيل زويمر. ولقد عزز بطرس منهجه بعرض منهج صموئيل زويمر واهتمامه بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة في التنصير والتي تجاوزت عيوب ومشاكل وسائل التنصير القديمة. من الملاحظ أن المبشرين ينكرون صلتهم بالحملات الصليبية، إلا أن الحملات الصليبية كانت داعمة لفكرة التنصير في سبيل إخراج المسلم من دينه، وترك عقيدة الجهاد؛ من أجل سيطرة الغرب على الأرض والشعب معا، فلما لم تفلح القوة العسكرية لجأوا إلى التبشير بهدف التشكيك والإقناع. وزكريا بطرس هو قمص قبطي أرثوذكسي ولد في سنة ١٩٣٤ م، ورسم في شبين الكوم ثم نقل إلى طنطا، ثم أرجع إلى كنيسة مارمرقص في القاهرة، ثم عمل كاهنا في استراليا عام ١٩٩٢ م، ثم عاد إلى مصر، ثم عمل في برايتون بانجلترا. درس في كلية الآداب، وحصل منها على ليسانس التاريخ. أثر في تكوين شخصيته واتجاهه، ورث عن أخيه إنجيله الذي أصبح إنجيل بطرس فيما بعد، أعطته مجلة وورلد جائزة دانيال العالم عن برنامجه حوار الحق عام ٢٠٠٨ م، وصفته صحيفة الإنسان الجديد بعدو الإسلام رقم واحد. من موسوعة الويكيبيديا ومن خلال متابعة قنواته وأحاديثه، إلا أنه يصعب الرد على أمثال زكريا بطرس في بحث علمي؛ لأن أغلب أعماله عبر مواقع الكترونية - يمكن تغييرها أوالتحريف فيها - ولا يمكن الرد إلا بنفس طريقته ومنهجه وهي مواقع الكترونية، لكن باستثناء ما يقوم فيها بتسجيل أحاديثه وكلامه بطريقة صوتية أو مرئية.
(٢) عبد الفتاح إسماعيل غراب، العمل التنصيري في العالم العربي، رسالة ماجستير، (القاهرة: مكتبة البدر، [د. ط]، [د. س])، ص ٥٤ وما بعدها.
(٣) المرجع السابق، ص ٣٧، ٤١ وما بعدها.

<<  <   >  >>