- ولوقا ومرقس ليسا من الحواريين، ولم يثبت بدليل كونهما من ذوي الإلهام أيضاً، والتوراة عندنا ما أُوحي إلى موسى عليه السلام، والإنجيل ما أُوحي إلى عيسى عليه السلام في سورة البقرة {ولَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكِتابَ} وفي سورة المائدة في حق عيسى عليه السلام {وآتيناه الإنجيل} وفي سورة مريم نقلاً عن عيسى عليه السلام {وآتانِيَ الْكتابَ} أي الإنجيل ووقع في سورة البقرة وآل عمران {وما أُوتي مُوسَى وَعيسَى} أي التوراة والإنجيل.
- وأما هذه التواريخ والرسائل الموجودة الآن ليست التوراة والإنجيل المذكورين في القرآن، فليسا واجبا التسليم، بل حكمهما وحكم سائر الكتب من العهد العتيق أنّ كل رواية من رواياتها إن صدَّقها القرآن فهي مقبولة يقيناً، وإن كذّبها القرآن فهي مردودة يقيناً، وإن كان القرآن ساكتاً عن التصديق والتكذيب فنسكت عنه فلا نصدق ولا نكذب.
كما حرر رحمت الله مصطلح السند المتنازع عليه من خلال التغليظ حيث ذكر:(الأول) أن علماء البروتستنت يدّعون تارة لتغليط العوام: أنه يوجد سند لهذه الأناجيل في القرن الأول والثاني، لأنه قد شهد بوجودها كليمنس أسقف الروم وأكاثيوس وغيرهما من العلماء الذين كانوا في القرنين الأولين. (الثاني) أن مرقس كتب إنجيله بإعانة بطرس، وأن لوقا كتب إنجيله بإعانة بولس، وبطرس وبولس كانا ذوي إلهام فهذان الإنجيلان بهذا الاعتبار إلهاميان.
وفي جواب التغليط ذكر:
إن السند المتنازعَ بيننا وبينهم السند المتصل، وهو عبارة أن يَرْويَ الثقة بواسطة أو بوسائط عن الثقة الآخر بأنه قال إن الكتاب الفلاني تصنيف فلان الحواري أو فلان النبي، وسمعت هذا الكتاب كلّه مِنْ فيه أو قرأته عليه أو أقر عندي أن هذا الكتاب تصنيفي، وتكون الواسطة أو الوسائط من الثقات الجامعين لشروط الرواية. إن مثل هذا السند لا يوجد عندهم من آخر القرن الثاني أو أوّل القرن الثالث إلى مصنف الأناجيل، وطلب رحمت الله هذا السند مراراً وتتبعه في كتب إسنادهم فما نال المطلوب، بل اعتذر القسيس فرنج في مجلس المناظرة أنه لا يوجد السند الكذائي عندهم لأجل وقوع الحوادث العظيمة في القرون الأولى من القرون المسيحية إلى ثلثمائة وثلاث عشرة سنة، فهذا السند لا يوجد في كلام كليمنس أسقف الروم، ولا أكناثيوس ولا غيرهما إلى آخر القرن الثاني. إن الظن والقرائن لا تسمى سنداً، ولا ينكر رحمت الله اشتهار هذه الأناجيل في آخر القرن الثاني أو ابتداء القرن الثالث وما بعده اشتهاراً ناقصاً قابلاً للتحريف، غير مانع عنه، بل يقر بالاشتهار الناقص الذي لا يمنع عن التحريف.
تحدث في الباب الثاني عن إثبات التحريف
المقصد الأول: في إثبات التحريف اللفظي بالتبديل (١)