للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما أشبه ذلك فكان مالك يقول: هو عذر بَيِّن. ثم رجع بعدما أفتى به زمانًا، وقال: الحذَر لا يُنْجِي من القَدَر، فإِذا وجد الرجلُ الزادَ المبلِّغ والراحلةَ وصحةَ البدن فالحج واجب عليه.

قال ابنُ المواز: ولم يقل مالك ذلك إِلا في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّا مَا سواها من الأمصار فهو بالخيار، إِن شاء أجاب وإِن شاء ترك، نقله ابن رشد في كتاب جمل من أصول العلم.

[مسألة]

والبحرُ لا يمنعُ وجوب الحج إذا لم يكن له طريق إِلَّا منه، إِذا كان يركب وكان غالبُه السلامةَ، فإِن غلب العطب أو علم تعطيل الصلاة بمَيْدٍ (١) أو ضيق ونحوه فإِنه لا يركبه (٢).


(١) الميْد: ما يصيب من الحيرة عن سكر أو غثيان أو ركوب بحر. (اللسان: ميد).
وقال الزرقاني: الميد: دوخة أو ضيق (الزرقاني على خليل: ٢/ ٢٩٦).
(٢) نقل البناني عن اللخمي قوله: "إِنه إِن علم حصول الميد حرم عليه الركوب، وإِن علم عدمه جاز، وإِن شك كره". (البناني على شرح الزرقاني للمختصر: ٢/ ٢٩٦).
وللونشريسي فرق يتصل بهذه المسألة، نصه:
"إِنما قالوا: يحرم ركوب البحر إِلى الحج إِذا علم تعطيل الصلاة أو بعض أحكامها، ولا يحرم ركوبه إِلى الجهاد وإِن أدى إِلى تضييع فرض من فروض الصلاة، بل يجب، مع أن كلا منهما عبادة دينية مهمة؛ لأن المراد من الجهاد أن تكون كلمة الله هي العليا، والقيام بها أشرف من القيام بالصلاة؛ لأن عدم القيام بالتوحيد كفر، وعدم القيام =

<<  <  ج: ص:  >  >>