للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به من فتنة الدنيا وتغنينا به عن أهلها، واجعل في قلوبنا من السلوّ عنها والمقت لها والبصر بعيوبها مثل ما جعلت في قلوب من فارقها زهدًا فيها ورغبة عنها من أولئك المخلصين المعصومين، يا أرحم الراحمين، اللهمّ لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبًا إِلا غفرته، ولا عيبًا إِلا سترته، ولا همًّا إِلا فرجته، ولا كربًا إِلا كشفته، ولا دينًا إِلا قضيته، ولا عدوًّا إِلا كفيته، ولا فسادًا إِلا أصلحته، ولا مريضًا إِلا عافيته، ولا غائبًا إِلا أدنيته (١)، ولا خُلةً إِلا سددتها، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولنا فيها صلاح إِلا قضيتها فإِنك تهدي السبيل، وتجبر الكسير، وتغني الفقير، اللهم ما كان منا من تقصير فاجبره بسعة عفوك، وتجاوز عنه بفضلك ورحمتك، واقبل منّا ما كان صالحًا، وأصلح منّا ما كان فاسدًا، فإِنه لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا مقدم لما أخّرت، ولا مؤخرًا لما قدمت، ولا مضل لمن هديت، ولا مذل لمن واليت، ولا ناصر لمن عاديت، ولا ملجأ ولا منجى منك إِلا إِليك، قولك حق، ووعدك حق، وحكمك عدل، وقضاؤك فصل، ذلّ كل شيء لعزتك، وتواضع كل شيء لعظمتك * لا يحول دونك شيء، ولا يعجزك شيء، إِليك نشكو قساوة قلوبنا، وجمود أعيننا، وطول آمالنا مع اقتراب آجالنا وكثرة ذنوبنا، فنعم المشكو إِليه أنت، فارحم ضعفنا، وأعطنا لمسكنتنا، ولا تحرمنا لقلة شكرنا، فما لنا إِليك شافع أرجى في أنفسنا منك، فارحم تضرّعنا، واجعل خوفنا كلّه منك، ورجاءنا كله فيك، وتوكّلنا كله عليك، يا من علمه بنا محيط، وقضاؤه فينا سابق، أعذنا من وجوب سخطك، ونزول نقمتك، وزوال نعمتك، فإِنه لا طاقة لنا بالجهد، ولا صبر لنا على البلاء،


(١) (ب): رددته.

<<  <  ج: ص:  >  >>