وأما في مجال الفتوى فقد ضرب ابن فرحون بسهم، بعد أن بلغ مستوى ساميًا في الفقه، شهد ببلوغه بعض مترجميه، كما رأينا، وشهدت به مؤلفاته التي تحدثنا عنها. وقد جرت العادة أن يقصد الناس بأسئلتهم الفقهية أهل الذكر من العلماء وخاصة منهم الذين يذيع صيتهم وتنتشر شهرتهم. وكان ابن فرحون من الذين يفتون ويرشدون إِلى طريق الله المستقيم.
ولئن لم يشر مترجموه إِلى فتاويه، ولم يعرف له كتاب جامع لها، فإِن الفقيه أبا العباس أحمد الونشريسي ت ٩١٤ هـ أتحفنا ببعض فتاويه في "المعيار المعرب" مثل الفتوى المتعلقة بوصية رجل أن تُدفع غلةُ حانوته بعد موتِه إِلى ابنتِه البكر إِلى أن يدخل بها زوجُها، مع وصيته بثلث ماله للمساكين؟ فقد أفتى ابن فرحون بـ (أنها تحاصص الموصَى لهم بقدر ما ينوبها إِلى أن يُدخلَ بها، كما ذكر الموصي، إِلا أن تمتنع، ويعلم أن امتناعها لأجل الوصية فيسقط حقها من وقت امتناعها)(١).