للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والودودُ اسمٌ حسنٌ يتضمَّنُ صفةَ المودَّةِ، وهي بمعنى المحبَّةِ في أصل الوضعِ اللُّغويِّ لمعنى هذا اللفظِ، قال ابن فارسٍ (ت:٣٩٥): «الواو والدال: كلمةٌ تدلُّ على محبَّةٍ» (١).

وقال الزَّجَّاجُ (ت:٣١١): «الودودُ: هذا يجوزُ أن يكونَ فعولاً بمعنى فاعلٍ. ويجوزُ أن يكونَ فعولاً بمعنى مفعولٍ، واللهُ قد وصف نفسه في مواضعَ بأنه يُحِبُّ، ولا يُحِبُّ إلا وهو أيضاً محبوبٌ مودودٌ عند أوليائه، فهو بمعنى مودودٍ» (٢).

مشكلةُ الاعتقادِ ثمَّ الاستدلالُ لهذا المعتقد، وأثرهُ عند ابن عطيَّةَ:

ولقدْ كانت قضيَّةُ تأصيلِ المعتقدِ أوَّلاً، ثُمَّ الاستدلالُ له من السِّماتِ البارزةِ لأهلِ البدعِ، ولذا تراهم يدفعونَ ظاهرَ النصوصِ، ويُسلِّطونَ عليها التأويلَ بكلِّ ما يستطيعونَ ليسلمَ لهم ما اعتقدوه، وهذا منهجٌ واضحُ الخطأ، بل العقيدةُ تؤخذُ من نصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ بلا تحريفٍ ولا تأويلٍ.

ومن أوضحِ الأمثلةِ التي وقعَ فيها ابن عطيَّةَ (ت:٥٤٢) ـ مع ما تقدَّمَ من الأمثلةِ ـ رأيُهُ في كفرِ العنادِ والجحودِ، ومن ذلك ما ذكرَ في قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: ١٤]، قال: «وظاهر قوله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} حصولُ الكفرِ عناداً، وهي مسألةٌ قولينِ (٣)، هل يجوزُ أن يقعَ أم لا؟


(١) مقاييس اللغة (٦:٧٥).
(٢) تفسير أسماء الله الحسنى، للزجاج، تحقيق: أحمد يوسف الدقاق (ص:٥٢)، وينظر: الزاهر في معاني كلام الناس، لابن الأنباري (١:١٨٤)، واشتقاق أسماء الله الحسنى، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق: المبارك (ص:١٥٢)، والتبيان في أقسام القرآن، لابن القيِّم (ص:٥٩ - ٦٠).
(٣) هذا النقل من طبعة المغرب، ويبدو أنه سقط حرف الجرِّ (على)، وفي المحرر الوجيز، ط: قطر (١١:١٧٩): «وهي مسألة فيها قولانِ».

<<  <   >  >>