للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان يوماً من أيامِ قومِ الأخطلِ على قومِ جريرٍ (١)، أضافَ الخطابَ إليه وإلى قومِه. فكذلكَ خطابُ اللهِ عزّ وجل مَنْ خاطبَهُ بقولِه: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: ٤٩]، لما كانَ فعلُه ما فعلَ منْ ذلكَ بقوم مَنْ خاطبَه بالآيةِ وآبائهم، أضافَ فعلَه ذلكَ الذي فعلَه بآبائهم إلى المخاطبين بالآية وقومِهم» (٢).

* الجَزَاءُ عَنِ الفِعْلِ بِمِثْلِ لَفْظِهِ، وَالْمَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ (٣):

قالَ الفرَّاءُ (ت:٢٠٧): وقوله: {فَإِنِ انْتَهَوْا} [البقرة: ١٩٢]، فلم يبدءوكم {فَلاَ عُدْوَانَ} على الذين انتهوا، إنما العدوانُ على مَنْ ظَلَمَ: على من بدأكم ولَمْ يَنْتَهِ.

فإنْ قالَ قَائِلٌ: أرأيتَ قولَهُ: {فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} أعدوانٌ هو، وقدْ أباحَهُ اللهُ لهم؟!

قلنا: ليسَ بعدوانٍ في المعنى، إنما هو لفظٌ على مِثلِ ما سبقَ قبلَهُ، ألا


(١) الهذيل: هو الهذيل بن هبيرة التغلبي، غزا بني يربوع بإراب، وهو ماء لبني رياح بن يربوع، فقتل منهم وسبى، وكان جدُّ جرير من السبي.
والأراقم: هم جشم ومالك والحارث وثعلبة ومعاوية وعمرو، أبناء بكر بن حبيب التغلبي رهط الهذيل، سُمُّوا بذلك لقول كاهنتهم وهم صبيان تحت دثار، فانكشف عنهم، ورأتهم، فقالت: كأنهم نظروا إليَّ بعيون الأراقم، وهي من أخبث الحيات.
ومعنى: سما إليكم: أشرف وقصد نحوكم. والأنفال: الغنائم. والفيلق: الكتيبة من الجيش. والعزل: الذين لا سلاح معهم. والأكفال: جمع كِفْلٍ، وهو الذي لا يثبت على متن فرسه، ولا يُحسِن الركوب. ينظر: تعليق محمود شاكر على البيتين في تفسير الطبري: (٢:٣٨ - ٣٩). وقد نقلته عنه بتصرف.
(٢) تفسير الطبري، ط: شاكر (٢:٣٨ - ٣٩)، وقد كرر الطبري هذا المعنى في الجزء نفسه في أكثر من موضع: (٢٣ - ٢٤، ١٦٤، ٢٤٥، ٢٩٨، ٣٠٢، ٣٥٣)، وينظر: الصاحبي في فقه اللغة، لابن فارس، تحقيق: السيد أحمد صقر (ص:٣٦٤).
(٣) أخذت هذا العنوان من ابن قتيبة في كتابه تأويل مشكل القرآن (ص:٢٧٧)، وينظر: الصاحبي في فقه اللغة (ص:٣٨٥).

<<  <   >  >>