للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنحن نقولُ: عصى وغَوَى، كما قالَ اللهُ تعالى، ولا نقولُ: آدمُ عاصٍ وغاوٍ؛ لأن ذلك لم يكنْ عن اعتقادٍ مُقَدَّمٍ ولا نيَّةٍ صحيحةٍ.

كما تقولُ لرجلٍ قَطَعَ ثَوباً وخَاطَهُ: قدْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ، ولا تقلْ: خائطٌ ولا خَيَّاطٌ، حتى يكونَ مُعَاوِداً لذلكَ الفعلِ، معروفاً به» (١).

٢ - وفي تفسيرِ لفظِ الصُّورِ في مثلِ قولِه تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: ٩٩].

قالوا: الصُّورُ: جمعُ صُورَةٍ (٢).

وهذا فيه إنكارٌ لتفسيرِ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم الذي فَسَّرَ الصُّورَ بأنه: البوقُ الذي يَنْفُخُ فيه إسرافيل عليه السلام، كما ورد عنه صلّى الله عليه وسلّم في عدَّةِ أحاديثَ رواها عنه أهل الحديث (٣).

وإذا عورضَ حديثُ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم، ودلالاتُ الشَّرعِ التي جاء بها، رُدَّ هذا الاعتراضُ ولمْ يُقبلْ، كائناً من كانَ قائلُه.


(١) تأويل مشكل القرآن (ص:٤٠٣).
(٢) قال بهذا التفسير أبو عبيدة في مجاز القرآن (١:٤١٦)، قال: «واحدتها: صورة، خرجت مخرج سورة المدينة، والجميع: سور المدينة». وقد ردَّ عليه أبو الهيثم اللغوي هذا التأويل، فقال: «وكأن أبا عبيدة أراد أن يؤيد قوله في الصور: أنه جمع صورة، فأخطأ في الصُّور والسُّور، وحرَّف كلام العرب عن صيغته، وأدخل فيه ما ليس منه؛ خذلاناً من الله لتكذيبه بأن الصور: قرن خلقه الله للنفخ فيه حتى يُمِيتَ الخلق بالنفخة الأولى، ثَمَّ يحييهم بالنفخة الثانية، والله حسيبه» تهذيب اللغة (١٣:٥٠). وله بقية في الردِّ فيها طول، وهي تتعلق بتصريف اللفظتين وبيان عدم اتفاقهما، وهي قبل هذا النقل.
(٣) ينظر: مسند الإمام أحمد (٢:١٩٢، ٣٢٦)، وسنن أبي داود (٤:٣٢٦)، وسنن الترمذي (برقم: ٢٤٣١)، ومستدرك الحاكم (٤:٥٦٠)، وقد قال ابن كثير عن روايةٍ عند الإمام أحمد في المسند (١:٣٢٦): «وقد روي هذا من غير وجه، وهو حديث جيدٌ». تفسير القرآن العظيم، تحقيق: السلامة (٢:١٧١).

<<  <   >  >>