للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِمَّنِ استعملَ الرُّؤيا في اليَقَظَةِ المتنبي في قولِه (١):

....... ... وَرُؤْيَاكَ أَحَلَى فِي الْعُيُونِ مِنَ الغَمْضِ

وهذا التَّفسيرُ يَرُدُّ على مَنْ خَطَّأَهُ» (٢).

إنَّ هذا الصنيعَ من ابنِ حَجَرٍ (ت:٨٥٢) هو الصَّوابُ بعينِهِ، ولا عِبْرَةَ بمنْ أنكرَ هذا المدلولَ اللُّغويَّ الواردَ عن ابنِ عباسٍ (ت:٦٨)، ولو تفرَّدَ به لقُبِلَ منه، كيف وقد وردَ لهذا المدلولِ شاهدٌ آخرُ؟!

قالَ ابنُ بَرِّي (ت:٥٨٢): «اعلمْ أنَّ الرُّؤيا تكونُ في المنامِ كما ذكرَ، إلاَّ أنَّ العربَ قد استعملتها في اليقظةِ، وذلك في نحوِ قولِ الرَّاعِي (٣) يصفُ ضيفاً طرقه ليلاً (٤):

رَفَعَتْ لَهُ مَشْبُوبَةً عَصَفَتْ لَهَا ... صَباً، تَزْدَهِيهَا مَرَّةً وَتُقِيمُهَا

فَكَبَّرَ للرُّؤْيَا، وَهَشَّ فُؤَادُهُ ... وَبَشَّرَ نَفْساً كَانَ قبل يَلُومُهَا

وعلى هذا فُسِّرَ في التنْزيلِ ـ وعليه جلة المفسرين ـ قولُه تعالى: {وَمَا


= {هَذَا تَاوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: ١٠٠]». درة الغوَّاص في أوهام الخواص، تحقيق: د. عبد الله بن علي الحسيني (ص:١٣٧ - ١٣٨).
وممن تبِع مذهب الحريري هذا صلاحُ الدين خليل بن أيبك الصفدي، ينظر: الغيث المسجم في شرح لامية العجم (٢:١٢١ - ١٢٢).
(١) ديوانه، ط: دار صادر (ص:١٥٧)، وأوله:
مَضَى اللَّيلُ والفَضْلُ الَّذِي لَكَ لاَ يَمْضِي ... .......
(٢) فتح الباري، ط: الريان (٨:٢٥٠).
(٣) عُبيد بن حُصين بن معاوية، أبو جندل، المشهور بالراعي النميري، كان شاعراً، وكان يميل إلى الفرزدق، فهجاه جرير هجاءً مقذعاً، وكان يمدح يزيد بن معاوية وأمراء بني أمية، توفي سنة (٩٠). ينظر: معجم الشعراء (ص:٩٤)، معجم الشعراء المخضرمين والأمويين (ص:١٥٣).
(٤) ينظر: ملحقات الديوان من ديوان الراعي، تحقيق: هلال ناجي ونوري حمودي (ص:٢٤٣)، والاقتضاب في شرح أدب الكتاب، للبطليوسي (ص:١٨٠)، والفائق، للزمخشري (٤:١٠٤)، وغيرها.

<<  <   >  >>