للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثاني: أن يرجعوا إلى منثورِ كلامِهم، دونَ أن ينصُّوا على لغةِ قبيلةٍ بعينِها.

يعتمدُ المفسِّرُ في هذا النَّوعِ على شيءٍ من كلامِ العرب المنثورِ، أو ينصُّ على أنَّ هذا من لغةِ العربِ، ومن أمثلةِ ذلك:

١ - عن ابنِ مسعودٍ (ت:٣٥) في قولِه تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: ٢٦] قال: «إنه ليسَ بالخَاتِمِ الذي يختمُ، أمَا سمعتُمُ المرأةَ من نسائِكُم تقولُ: طِيبُ كذا وكذا خِلْطُهُ مِسْكٌ» (١).

٢ - وعن ابن عباس (ت:٦٨) في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]، قال: «مِنَ الإثمِ، ثُمَّ قالَ: نَقِيُّ الثِّيابِ في كلامِ العربِ» (٢).

والمراد بقوله: «نقيُّ الثِّياب»؛ أي: أنَّ فِعْلَه فعلٌ محمودٌ.

وقد ورد في اللُّغةِ: «فلانٌ دَنِسُ الثِّيابِ: إذا كان خبيث الفعلِ والمذهبِ خبيث العِرْضِ، قال امرُؤ القيسِ (٣):

ثِيَابُ بني عَوفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ ... وأَوجُهُهُم بِيضُ المَسَافِرِ غرَّانُ» (٤)


=
وفي لفظ «عوان»: تفسير الطبري: تحقيق شاكر (٢:١٩٥).
٥ - عن محمد بن عباد المخزومي في لفظ «سرياً»: الدر المنثور (٥:٥٠٢).
٦ - عن أبي ميسرة في لفظ «سيل العرم»: غريب الحديث، لابن قتيبة (١:٣٢٥).
٧ - عن عكرمة في لفظ «ألاَّ تعولوا»: تفسير الطبري، ط: شاكر (٧:٥٥٠).
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠:١٠٦)، وينظر: غريب الحديث، للحربي (٢:٥٥٨).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩:١٤٥)، وقال قتادة في هذه الآية: «هي كلمة من العربية كانت العرب تقولها: طهِّر ثيابك؛ أي: من الذنوب».
وفي رواية أخرى عن قتادة، قال: «طهِّرها من المعاصي، فكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يَفِ بعهده أنه دَنِسُ الثياب، وإذا وَفَى وأصلح قالوا: مُطَهَّر الثياب». ينظر: تفسير عبد الرزاق، تحقيق: قلعجي (٢:٢٦٢)، وتفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩:١٤٥)، والدر المنثور (٨:٣٢٥).
(٣) امْرُؤُ القيس بن حُجْرٍ، أمير شعراء الجاهلية، وكان يريد الأخذ بثأر أبيه، فاستنجد بملك الروم، فأمَدَّهُ بالجيش، ثم ندم، فأرسل له حُلَّةً مسمومة، فلبسها، فتقرَّح بسببها، ومات في الطريق، توفي سنة (٥٤٠م). ينظر: الشعر والشعراء، لابن قتيبة، تحقيق: أحمد شاكر (١:١٠٥ - ١٣٦)، ومعجم الشعراء (ص:٢٩).
(٤) تهذيب اللغة (١٥:١٥٤).
والبيت في ديوان امرىء القيس، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (ص:٨٣).

<<  <   >  >>