للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وقالَ: «كنتُ لا أدري ما فاطر السماوات؟ حتى أتاني أعرابيانِ يختصمانِ في بئرٍ، فقالَ أحدُهما: أنَا فطرتها؛ يعني: أنا ابتدأتها» (١).

وقد ورد هذا عن بعض أئمة اللُّغة، قال ابن الأعرابي (ت:٢٣١): «أنا أولُ من فطر هذا؛ أي: ابتدأه» (٢).

٤ - وعن مجاهد (ت:١٠٤) في قوله تعالى: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: ٢] قال: «المكرُ، تقولُ العربُ ـ إذا أرادَ الرجلُ أن يمكرَ بصاحبِه ـ: أمَا واللهِ لأقدحنَّ لك» (٣).

وقد ورد في بعض كتبِ اللُّغةِ قريبٌ من هذا، يقال: قدح في ساق أخيه: إذا غشَّهُ، وعَمِلَ في شيءٍ يكرهه (٤). كما ورد فيها: اقتدحَ الأمرَ: تدبَّرَهُ (٥).

ولفظُ المكرِ فيه شيءٌ من معنى التَّدبرِ؛ إذ يشتركان في إعمال الفكر والتأمُّل، وإن كان المكرُ أخصَّ من التَّدبرِ.

٥ - وقال عكرمة (ت:١٠٥) في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: ٤٢]: «إن العربَ إذا اشتدَّ القتالُ فيهم والحربُ، وعَظُمَ الأمرُ فيهم، قالوا لِشِدَّةِ ذلك: قد كشفتْ الحربُ عن ساقٍ، فذكرَ اللهُ شِدَّةَ ذلك اليوم بما يعرفون» (٦).


(١) فضائل القرآن، لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص:٢٠٦) وقد سبق ذكر هذا الأثر، ينظر من هذا البحث (ص:٨٠).
(٢) تهذيب اللغة (١٣:٣٢٦)، وينظر في مادة (فطر): العين (٧:٤١٨)، والصحاح، وديوان الأدب (٢:١١١)، والمحكم، ولسان العرب، وتاج العروس.
(٣) الدر المنثور (٨:٦٠٢).
(٤) ينظر: مادة (قدح) في لسان العرب وتاج العروس.
(٥) ينظر: أساس البلاغة، مادة (قدح).
(٦) الدر المنثور (٨:٢٥٥). ويلاحظُ أنه قد وردت الروايةُ بهذا التفسير عن ابن عباس وتلاميذه، وهم قد حملوا الآية على هذا المعنى اللغويِّ، لأنه ـ والله أعلمُ ـ لم يَرِدْ =

<<  <   >  >>