وكان ابن أبي ليلى ممن ذهب إلى هذا الحديث. وتركه أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن؛ لأن الله ﷿ قال: ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] ففي هذا الحديث أنهم صلوا جميعا.
وفي حديث ابن عمر، وعبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس وفي حديث حذيفة وزيد بن ثابت دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية ولم يكونوا صلوا قبل ذلك، فالقرآن يدل على ما جاءت به الرواية عنهم عن رسول الله ﷺ في ذلك فكانت عنده أولى من حديث أبي عياش، وجابر هَذَين،
وذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة، فالصلاة كما روى أبو عياش وجابر ﵄.
وإن كانوا في غير القبلة، فالصلاة كما روى ابن عمر وحذيفة، وزيد بن ثابت.
لأن في حديث أبي عياش أنهم كانوا في القبلة، وحديث ابن عمر، وحذيفة، وزيد، لم يذكر فيه شيء من ذلك، إلا أنه قد روي عن ابن مسعود في ذلك ما يوافق ما رووا وقال: كان العدو في غير القبلة.
قال أبو يوسف: فأصحّح الحديثين فأجعل حديث ابن مسعود وما وافقه إذا كان العدو في غير القبلة، وحديث أبي عياش وجابر إذا كان العدو في القبلة. وليس هذا بخلاف التنزيل عندنا، لأنه قد يجوز أن يكون قوله ﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ [النساء: ١٠٢] إذا كان العدو في غير القبلة. ثم أوحى الله إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة، ففعل الفعلين جميعا، كما جاء الخبران.