أن ذلك أيضا ليس فيه خلاف عندنا لهذا، لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ثم يتطوع بعده قبل طلوع الفجر.
فإن قال قائل: يحتمل أن تكون تانك الركعتان هما ركعتا الفجر، فلا يكون ذلك من صلاة الليل. قيل له: لا يجوز ذلك من جهتين: أما أحدهما: فلأن سعد بن هشام إنما سأل عائشة عن صلاة رسول الله ﷺ بالليل، فكان ذلك منها جوابا لسؤاله، وإخبارا منها إياه عن صلاته بالليل كيف كانت.
والجهة الأخرى أنه ليس لأحد أن يصلي ركعتي الفجر جالسا، وهو يطيق القيام، لأنه بذلك تارك لقيامهما، وإنما يجوز أن يصلي قاعدا وهو يطيق القيام ما له أن لا يصليه ألبتّة، ويكون له تركه، فيكون كما له تركه بكماله، يكون له ترك القيام فيه.
فأما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه.
فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوّع بهما رسول الله ﷺ بعد الوتر كانتا من صلاة الليل، وفي ذلك ما وجب به قول الذين لم يروا بالتطوع في الليل بعد الوتر بأسا، ولم ينقضوا به الوتر.
وقد روي عن رسول الله ﷺ في ذلك من قوله -ما يدل على هذا أيضا- ما قد ذكرناه عنه في حديث ثوبان
١٨٨٥ - وقد حدثنا عمران بن موسى الطائي وابن أبي داود، قالا: حدثنا أبو الوليد (ح)