للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان يجيء على ذلك أن يكون موضع السجود من "حم" هو الموضع الذي ذهب إليه ابن عباس لأنه عنده خبر، وهو قوله ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)[فصلت: ٣٨] لا كما ذهب إليه من خالفه، لأن أولئك جعلوا السجدة عند أمر، وهو قوله: ﴿وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [فصلت: ٣٧] فكان ذلك موضع أمر، وكان الموضع الآخر موضع خبر، وقد ذكرنا أن النظر يوجب أن يكون السجود في مواضع الخبر، لا في مواضع الأمر.

وكان يجيء على ذلك أن لا يكون في سورة الحج غير سجدة واحدة، لأن الثانية المختلف فيها إنما موضعها في قول من يجعلها سجدة موضع أمر وهو قوله ﴿ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ [الحج: ٧٧] الآية، وقد بينا أن مواضع سجود التلاوة، هي مواضع الأخبار، لا مواضع الأمر.

فلو خلّينا والنظر لكان القول في سجود التلاوة أن ننظر، فما كان منه موضع أمر لم نجعل فيه سجودا، وما كان منه موضع خبر جعلنا فيه سجودا، ولكن اتباع ما ثبت عن رسول الله أولى.

وقد اختلف في سورة "ص" فقال قوم (١): فيها سجدة، وقال آخرون (٢): ليست فيها سجدة.


(١) قلت: أراد بهم: سعيد بن جبير، والحسن البصري، ومسروقا، والثوري، وابن المبارك، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد وإسحاق، ومالكا ، كما في النخب ٧/ ٤٨١.
(٢) قلت: أراد بهم: الشافعي، وأحمد في رواية، وأبا المليح، وعلقمة ، كما في المصدر السابق.