من خلف أبي بكر. فلما ثبت بما وصفنا أن تلك الصلاة كانت مما يجهر فيها بالقراءة، وقرأ رسول الله ﷺ فيها وكان الناس جميعا لا يختلفون أن المأموم لا يقرأ خلف الإمام كما يقرأ الإمام. ثبت بذلك أن رسول الله ﷺ كان في تلك الصلاة إماما.
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فإنا رأينا الأصل المجتمع عليه أن دخول المأموم في صلاة الإمام قد يوجب فرضا على المأموم، لم يكن عليه قبل دخوله، ولم نره يسقط عنه فرضا كان عليه قبل دخوله.
فمن ذلك أنا رأينا المسافر يدخل في صلاة المقيم، فيجب عليه أن يصلي صلاة المقيم أربعا، ولم يكن ذلك واجبا عليه قبل دخوله معه، وإنما أوجبه عليه، دخوله معه.
ورأينا مقيما لو دخل في صلاة مسافر صلى بصلاته، حتى إذا فرغ أتى بتمام صلاة المقيم، فلم يسقط عن المقيم فرض بدخوله مع المسافر، وكان فرضه على حاله غير ساقط منه شيء.
فالنظر على ذلك: أن يكون كذلك الصحيح الذي كان عليه فرض القيام إذا دخل مع المريض الذي قد سقط عنه فرض القيام في صلاته أن لا يكون ذلك الدخول مسقطا عنه فرضا كان عليه قبل دخوله في الصلاة.
فإن قال قائل: فإنا قد رأينا العبد الذي لا جمعة عليه، يدخل في الجمعة فتجزئه من الظهر، ويسقط عنه فرض قد كان عليه قبل دخوله مع الإمام فيها.