٣٠٢٣ - حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت عاصما يحدث، عن أنس قال: إن شئت فصُمْ، وإن شئت فأفطر والصوم أفضل (١).
وكان مما احتج به أيضا أهل المقالة الأولى في رفعهم الصوم في السفر ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع من قول رسول الله ﷺ"إن الله وضع عن المسافر الصيام". قالوا: فلما كان الصيام موضوعا عنه، كان إذا صامه فقد صامه، وهو غير مفروض عليه، فلا يجزئه.
وكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك أنه قد يجوز أن يكون ذلك الصيام الذي وضعه عنه، هو الصيام الذي لا يكون له منه بد في تلك الأيام، كما لا بد للمقيم من ذلك، وفي هذا الحديث ما قد دل على هذا المعنى. ألا تراه يقول "وعن الحامل والمرضع".
أفلا ترى أن الحامل والمرضع إذا صامتا رمضان أن ذلك يجزئهما وأنهما لا تكونان كمن صام قبل وجوب الصوم عليه بل جعلتا يجب الصوم عليهما بدخول الشهر، فجعل لهما تأخيره للضرورة والمسافر في ذلك مثلهما.
وهذا أولى ما حُمل عليه معنى هذا الأثر حتى لا تضاد غيره من الآثار التي قد ذكرناها في هذا الباب. وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى التي قد ذكرناها لأهل المقالة الثانية التي قد وصفناها، إنا قد رأيناهم كانوا مع رسول الله ﷺ بعد أن أباح لهم الإفطار في السفر يصومون فيه.