فلما كان ذلك غير مبطل عنه وجوب القضاء، وكان في ذلك كمن عليه قضاء حجة قد أوجبها الله ﷿ على نفسه بلسانه، كان كذلك أيضا في النظر من دخل في صلاة أو صيام فأوجب ذلك الله ﷿ على نفسه بدخوله فيه، ثم خرج منه، فعليه قضاؤه.
ويقال له أيضا: وقد رأينا العمرة مما قد يجوز رفضها بعد الدخول فيها في قولنا وقولك، وبذلك جاءت السنة عن النبي ﷺ في قوله لعائشة ﵂:"دعي عنك العمرة وأهلّي بالحج" وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
فلم يكن للداخل في العمرة إذا كان قادرا على رفضها والخروج منها أن يخرج منها فيبطلها ثم لا يجب عليه قضاؤها. وكان من دخل فيها بغير إيجاب منه لها قبل ذلك ليس له الخروج منها قبل تمامها إلا من عذر، فإن خرج منها فأبطلها بعذر أو بغير عذر فعليه قضاؤها، فالصلاة والصوم أيضا في النظر كذلك، ليس لمن دخل فيهما الخروج منهما، وإبطالهما إلا من عذر، وإن خرج منهما قبل إتمامه إياهما بعذر أو بغير عذر فعليه قضاؤهما.
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ﵏.
وقد روي مثل ذلك أيضا عن غير واحد من أصحاب رسول الله ﷺ.