وقد يجوز أن يكون ذلك من فعل رسول الله ﷺ قبل الحلق، ويجوز أن يكون بعده إلا أن أولى الأشياء بنا أن نحمل ذلك على ما يوافق ما قد ذكرناه، عن عائشة ﵂، لا على ما يخالف ذلك. فيكون ما رأى النبي ﷺ يفعله من ذلك كان بعد رميه الجمرة وحلقه، على ما في حديث عائشة ﵂.
ثم قال ابن عباس ﵄ بعد برأيه: إذا رمى فحل له برميه أن يحلق حل له أن يلبس ويتطيب.
وهذا موضع يحتمل النظر، وذلك أن الإحرام يمنع من حلق الرأس واللباس والطيب، فيحتمل أن يكون حلق الرأس إذا حل حلت هذه الأشياء، واحتمل أن لا يحل حتى يكون الحلق.
فاعتبرنا ذلك فرأينا المعتمر يحرم عليه بإحرامه في عمرته ما يحرم عليه بإحرامه في حجته.
ثم رأيناه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، فقد حل له أن يحلق ولا تحل له النساء، ولا الطيب ولا اللباس حتى يحلق.
فلما كانت حرمة العمرة قائمة وإن حل له أن يحلق، حتى يحلق ولا يكون إذا حل له أن يحلق في حكم من قد حل له ما سوى ذلك من اللباس والطيب، كان كذلك في الحجة لا يجب لما حل له الحلق فيها أن يحل له شيء مما سواه، مما كان حرم عليه بها حتى يحلق قياسا ونظرا على ما أجمعوا عليه في العمرة.