وقد روي عنه ما هو أتم من ذلك. فروي عنه أن رسول الله ﷺ أمر عمر ﵁ أن يأمره أن يراجعها ثم يمهلها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم ليطلقها إن شاء، وقال:"تلك العدة التي أمر الله ﷿ أن تطلق لها النساء".
وقد ذكرنا ذلك بإسناده في الباب الذي قبل هذا الباب.
فلما نهاه رسول الله ﷺ عن إيقاع الطلاق في الطهر الذي بعد الحيضة التي طلق فيها حتى يكون طهر وحيضة أخرى بعدها، ثبت بذلك أنه لو كان أراد بقوله:"فتلك العدة التي أمر الله ﷿ أن تطلق لها النساء الأطهار" إذًا لجعل له أن يطلقها بعد طهرها في هذه الحيضة، ولا ينتظر ما بعدها، لأن ذلك طهر.
فلما لم يبح له الطلاق في ذلك الطهر حتى يكون طهر آخر بينه وبين ذلك الطهر حيضة، ثبت بذلك أن تلك العدة التي أمر الله ﷿ أن تطلق لها النساء، إنما هي وقت ما تطلق النساء، وليس لأنها عدة تطلق لها النساء يجب بذلك أن يكون هي العدة التي تعتد بها النساء، لأن العدة مختلفة.
منها: عدة المتوفى عنها زوجها، أربعة أشهر وعشرًا.
ومنها: عدة المطلقة ثلاثة قروء.
ومنها: عدة الحامل أن تضع حملها، فكانت العدة اسما واحدًا لمعان مختلفة.
ولم يكن كل ما لزمه اسم عدة وجب أن يكون قرءًا.
فكذلك لما لزم اسم الوقت الذي تطلق فيه النساء اسم عدة، لم يثبت له بذلك اسم القرء.