للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا: فإنما خيرها رسول الله من أجل أن زوجها كان عبدا.

فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى أن أولى الأشياء بنا إذا جاءت الآثار هكذا، فوجدنا السبيل إلى أن نحملها على غير طريق التضاد أن نحملها على ذلك، ولا نحملها على التضاد والتكاذب، ويكون حال رواتها -عندنا- على الصدق والعدالة فيما رووا، حتى لا نجد بدا من أن نحملها على خلاف ذلك. فلما ثبت أن ما ذكرنا كذلك وكان زوج بريرة قد قيل فيه: إنه كان عبدا، وقيل فيه: إنه كان حرا، جعلناه على أنه قد كان عبدا في حال، حرا في حال أخرى.

فثبت بذلك تأخر إحدى الحالتين عن الأخرى فكان الرق قد يكون بعده الحرية، والحرية لا يكون بعدها رق، فلما كان ذلك كذلك جعلنا حال العبودية متقدما، وحال الحرية متأخر.

فثبت بذلك أنه كان حرا في وقت ما خيرت بريرة عبدا قبل ذلك، هكذا تصحيح الآثار في هذا الباب ولو اتفقت الروايات كلها -عندنا- على أنه كان عبدا كما كان في ذلك ما ينفي أن يكون إذا كان حرا زال حكمه عن ذلك، لأنه لم يجئ عن رسول الله أنه قال: "إنما خيرتها لأن زوجها عبد" ولو كان ذلك كذلك لانتفى أن يكون لها خيار إذا كان زوجها حرا.

فلما لم يجئ من ذلك شيء، وجاء عنه أنه خيرها، وكان زوجها عبدا نظرنا هل يفترق في ذلك حكم الحر وحكم العبد؟ فنظرنا في ذلك، فرأينا الأمة في حال رقها