إلا أن يكون من طافه من عذر راكبا كذلك أيضا. فهذا حكم النظر في هذا الباب وهو قياس قول زفر.
ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا لم يجعلوا على من طاف بالبيت طواف الزيارة راكبا من عذر شيئا.
فلما ثبت بالنظر ما ذكرنا كان كذلك المشي لما رأيناه قد يجب بعد فراغ الإحرام إذ كان من أسبابه، كما يجب في الإحرام، كان كذلك المشي الذي قبل الإحرام من أسباب الإحرام حكمه حكم المشي الواجب في الإحرام.
فلما كان على تارك المشي الواجب في الإحرام دم كان على تارك هذا المشي الواجب قبل الإحرام دم أيضا، وذلك واجب عليه في حال قوته على المشي، وفي حال عجزه عنه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد أيضا، وذلك دليل لنا صحيح على ما بيناه من حكم الطواف بالحمل في حال القوة عليه وفي حال العجز عنه.
فإن قال قائل: فإذا وجب عليه المشي بإيجابه على نفسه أن يحج ماشيا، وكان ينبغي إذا ركب أن يكون في معنى من لم يأت بما أوجب على نفسه فيكون عليه أن يحج بعد ذلك ماشيا فيكون كمن قال: لله علي أن أصلي ركعتين قائما فصلاهما قاعدا.
فمن الحجة عندنا على قائل هذا القول: أنا رأينا الصلوات المفروضات التي علينا أن نصليها قياما، ولو صليناها قعودا لا لعذر وجب علينا إعادتها، وكنا في حكم من لم يصلها.