ثم قال النبي ﵇:"خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا" فذكر ما قد ذكرناه في حديث عبادة بن الصامت فكان ذلك هو السبيل الذي قال الله تعالى ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥] فجعل الله ذلك السبيل، على ما قد بينه على لسان نبيه ﷺ وفرض في ذلك الجلد والرجم على الثيب والجلد والنفي على غير الثيب.
فعلمنا أن ذلك القول قد كان من النبي ﷺ بعد نزول هذه الآية وأنه لم يتقدم نزول هذه الآية وجوب الرجم على الزاني، لأن حده كان ما وصف الله ﷿ في كتابه من الحبس في البيوت.
ولم يكن بين قوله:"أو يجعل الله لهن سبيلا" وبين حديث عبادة حكم آخر، فعلمنا أن حديث عبادة ﵁ كان بعد نزول هذه الآية، وأن حديث ماعز الذي سأله رسول الله ﷺ فيه عن إحصانه، لتفرقته بين حد المحصن وغير المحصن وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني ﵁ أنه فرق رسول الله ﷺ فيه بين حكم البكر والثيب "فجعل على البكر جلد مائة، وتغريب عام، وعلى الثيب الرجم" - متأخرا عنه.
فكان ذلك ناسخا له، لأن ما تأخر من حكم رسول الله ﷺ ينسخ ما تقدم منه.
فلهذا كان ما ذكرنا من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وحديث ماعز ﵃ أولى من حديث عبادة ﵁ مع ما قد شد ذلك من النظر الصحيح.