وخالفهم في ذلك آخرون (١)، فقالوا: ما أخذه أهل الحرب من أموال المسلمين، فأحرزوه في دارهم، فقد ملكوه، وزال عنه ملك المسلمين، فإذا أوجف عليهم المسلمون، فأخذوه منهم، فإن جاء صاحبه قبل أن يقسم، أخذه بغير شيء، وإن جاء بعدما قسم، أخذه بالقيمة، وكان من الحجة لهم في الحديث الأول، أن قول النبي ﷺ"لا نذر لابن آدم فيما لا يملك" إنما كان قبل أن تملك المرأة الناقة؛ لأنها قالت ذلك وهي في دار الحرب.
وكل الناس يقول: إن من أخذ شيئًا من أهل الحرب، فلم ينج به إلى دار الإسلام أنه غير محرز له وغير مالك، وإن ملكه لا يقع عليه حتى يخرج به إلى دار الإسلام فإذا فعل ذلك فقد غنمه وملكه، فلهذا قال النبي ﷺ في شأن المرأة ما قال؛ لأنها نذرت قبل أن تملكها لئن نجاها الله عليها لتنحرنها، فقال لها رسول الله ﷺ:"لا نذر لابن آدم فيما لا يملك" لأن نذرها ذلك كان منها قبل أن تملكها.
فهذا وجه هذا الحديث، وليس فيه دليل على أن المشركين قد كانوا ملكوها على النبي ﷺ بأخذهم إياها منه أم لا، ولا على أن أهل الحرب يملكون بما أوجفوا من أموال المسلمين أيضًا أم لا. والذي فيه الدليل على ذلك، ما
٤٩٢٣ - حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: ثنا حماد بن سلمة،
(١) قلت: أراد بهم: النخعي، وابن سيرين، وشريحا، ومجاهدا، والأوزاعي، وأبا حنيفة، وسفيان الثوري، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا وأحمد في رواية ﵏، كما في النخب ١٧/ ٤٤٧.