للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخالفهم في ذلك آخرون (١)، فقالوا: لا بأس ببيع الحنطة بالشعير متفاضلًا، مثلين بمثل أو أكثر من ذلك.

وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى في الحديث الذي احتجوا به عليهم، أن معمرًا أخبر عن النبي أنه كان سمعه يقول: "الطعام بالطعام مثلا بمثل" ثم قال معمر: وكان طعامنا يومئذ الشعير.

فيجوز أن يكون النبي أراد بقوله الذي حكاه عنه معمر، الطعام الذي كان طعامهم يومئذ فيكون ذلك على الشعير بالشعير، فلا يكون في هذا الحديث شيء من ذكر بيع الحنطة بالشعير، مما ذكر فيه عن النبي وإنما هو مذكور عن معمر، من رأيه، ومن تأويله ما كان سمع من النبي .

ألا ترى أنه قيل له: فإنه ليس مثله أي ليس من نوعه، فلم ينكر ذلك على من قاله، وكان من جوابه "إني أخشى أن يضارعه" كأنه خاف أن يكون قول النبي الذي سمعه يقوله، وهو ما ذكرنا في حديثه عن الأطعمة كلها، فتوقى ذلك وتنزه عنه للريب الذي وقع في قلبه منه.

فلما انتفى أن يكون في هذا الحديث حجة لأحد الفريقين على صاحبه، نظرنا هل في غيره ما ينبئنا على حكم ذلك كيف هو؟ فاعتبرنا ذلك.


(١) قلت: أراد بهم: النخعي، والشعبي، والزهري، وعطاء، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وأبا ثور ، كما في النخب ١٨/ ٤٠٦.