للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما وجهه من طريق النظر: فإنا قد رأينا هذه الأشياء التي قد اختلف في أكلها أنه ينقض الوضوء أم لا إذا مستها النار؟ فقد أجمع [كل] (١) أن أكلها قبل مماسة النار إياها لا ينقض الوضوء فأردنا أن ننظر، هل للنار حكم يجب في الأشياء إذا مستها فينتقل به حكمها إليها؟ فرأينا الماء القراح طاهرا تؤدى به الفروض.

ثم رأيناه إذا سخِّن فصار مما قد مسته النار أن حكمه في طهارته على ما كان عليه قبل مماسة النار إياه، وأن النار لم تحدث فيه حكما ينتقل به حكمه إلى غير ما كان عليه في البدء. فلما كان ما وصفنا كذلك، كان في النظر أن الطعام الطاهر الذي لا يكون أكله قبل أن تمسه النار حدثا إذا مسته النار لا تنقله عن حاله، فلا يغير حكمه، ويكون حكمه بعد مسيس النار إياه كحكمه قبل ذلك قياسا ونظرا على ما بينا.

وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، رحمهم الله تعالى. وقد فرق قوم (٢) بين لحوم الغنم ولحوم الإبل. فأوجبوا في أكل لحوم الإبل الوضوء، ولم يوجبوا ذلك في أكل لحوم الغنم. واحتجوا في ذلك بما

٤٠٧ - حدثنا أبو بكرة قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل قال: ثنا سفيان، قال: ثنا سماك، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة قال: سئل رسول الله : أنتوضأ من لحوم الإبل؟. قال: "نعم" قيل أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "لا" (٣).


(١) من ن.
(٢) قلت أراد بهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن يحيى، وآخرين ، كما في النخب ٢/ ٣٧١.
(٣) إسناده حسن، ومؤمل بن إسماعيل وإن كان سيء الحفظ فقد توبع، وسماك بن حرب صدوق له متابع. =