ثم لو لم ينازع في طرق هذا الحديث وسلمت لكم على هذه الألفاظ التي قد رويت عليها لكانت محتملة للتأويل الذي لا يقوم لكم بمثلها معه الحجة، وذلكم أنكم إنما رويتم أن رسول الله ﷺ قضى باليمين مع الشاهد الواحد،
ولم يبين في هذا الحديث كيف كان ذلك السبب، ولا المستحلف من هو؟ فقد يجوز أن يكون ذلك على ما ذكرتم، ويجوز أن يكون أريد به يمين المدعى عليه
وإذا ادعى المدعي، ولم يقم على دعواه إلا شاهدًا واحدا، فاستحلف له النبي ﷺ المدعى عليه، فروى ذلك ليعلم الناس أن المدعي يجب له اليمين على المدعى عليه لا بحجة أخرى غير الدعوى لا يجب له اليمين إلا بها.
كما قال قوم: إن المدعي لا يجب له اليمين فيما ادعى، إلا أن يقيم البينة أنه قد كانت بينه وبين المدعى عليه خلطة ولبس، فإن أقام على ذلك بينةً استحلف له، وإلا لم يستحلف.
فأراد الذي روى هذا الحديث أن ينفي هذا القول، ويثبت اليمين بالدعوى وإن لم يكن مع الدعوى غيرها فهذا وجه.
وقد يجوز أن يكون ذلك أريد به يمين المدعي مع شاهده الواحد، لأن شاهده الواحد كان ممن يحكم بشهادته وحده، وهو خزيمة بن ثابت ﵁ فإن رسول الله ﷺ لقد كان عدل شهادته بشهادة رجلين