وخالفهم في ذلك آخرون (١)، فقالوا: بل بائع العبد، وسائر الغرماء فيه سواء، لأن ملكه قد زال عن العبد، وخرج من ضمانه، فإنما هو في مطالبة غريم من غرماء المطلوب، يطالبه بدين في ذمته، لا وثيقة في يديه، فهو وهُم في جميع مالهم سواء.
وكان من حجتهم على أهل المقالة الأولى في فساد ما ذهبوا إليه، واحتجوا به لقولهم من حديث أبي هريرة ﵁ الذي ذكرنا أن الذي في ذلك الحديث فأصاب رجل عين ماله بعينه، والمبيع ليس هو عين ماله، وإنما هو عين مال قد كان له، وإنما ماله بعينه يقع على الغصوب، والعواري والودائع، وما أشبه ذلك، فذلك ماله بعينه فهو أحق به من سائر الغرماء، وفي ذلك جاء هذا الحديث عن رسول الله ﷺ.
وإنما يكون هذا الحديث حجةً لأهل المقالة الأولى لو كان فأصاب رجل عين ماله قد كان له فباعه من الذي وجده في يده، ولم يقبضِ منه ثمنه، فهو أحق به من سائر الغرماء.
فهذا الذي يكون حجةً لهم لو كان لفظ الحديث كذلك.
فأما إذا كان على ما روينا في الحديث فلا حجة لهم في ذلك، وهو على الودائع والغصوب، والعواري والرهون أموال الطالبين في وقت المطالبة بها، وذلك كما جاء عن رسول الله ﷺ في حديث سمرة ﵁ فإنه
(١) قلت أراد بهم: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، والشعبي في رواية، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن شبرمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وزفر ﵏، كما في النخب ٢٠/ ٥٠٣.