فأخبر رسول الله ﷺ أن ما قاله من جهة الظن فهو كسائر البشر في ظنونهم، وأن الذي يقوله عن الله ﷿ فهو الذي لا يجوز خلافه. وكانت الرؤيا إنما تعبر بالظن والتحري.
وقد روي ذلك عن محمد بن سيرين ﵀، واحتج بقول الله ﷿: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا﴾ [يوسف: ٤٢]. فلما كان التعبير من هذه الجهة التي لا حقيقة فيها كره رسول الله ﷺ لأبي بكر ﵁ أن يقسم عليه ليخبره بما يظنه صوابا على أنه عنده كذلك، وقد يكون في الحقيقة بخلافه.
ألا ترى! أن رجلا لو نظر في مسألة من الفقه، واجتهد فأدى اجتهاده إلى شيء وسعه القول به ورد ما خالفه، وتخطئة قائله إذا كانت الدلائل التي بها يستخرج الجواب في ذلك، دافعة له. ولو حلف على أن ذلك الجواب صواب كان مخطئا؛ لأنه لم يكلف إصابة الصواب، فيكون ما قاله هو الصواب، ولكنه كلف الاجتهاد.
وقد يؤديه الاجتهاد إلى الصواب وإلى غير الصواب فلهذا منع عن القسم فمن هذه الجهة كره رسول الله ﷺ لأبي بكر ﵁ الحلف عليه ليخبره بصوابه ما هو، لا من جهة كراهية القسم. وقد روي في ذلك ما يدل على ما ذكرناه