الله ﷺ لينتهي الناس عن ذلك، فلا يفعلونه، لأنهم متى علموا أن ما أخصي تجتنب أو تجافى، أحجموا عن ذلك، فلم يفعلوه.
ألا ترى! أن عمر بن عبد العزيز ﵀، فيما روينا عنه في باب: ركوب البغال أنه أتي بعبد خصي ليشتريه. فقال: ما كنت لأعين على الإخصاء، فجعل ابتياعه إياه عونا على إخصائه، لأنه لولا من يبتاعه لأنه خصي لم يخصه من أخصاه، فكذلك إخصاء الغنم، وإخصاء البهائم لو كان مكروها لما ضحى رسول الله ﷺ بما قد أخصي منها، ولا يشبه إخصاء البهائم إخصاء بني آدم لأن إخصاء البهائم إنما يراد به ما ذكرنا من سمانتها، وقطع عضها، فذلك مباح وبنو آدم فإنما يراد بإخصائهم المعاصي فذلك غير مباح.
ولو كان ما روينا في أول هذا الباب صحيحا لاحتمل أن يكون أريد به الإخصاء الذي لا يبقى معه شيء من ذكور البهائم حتى تخصى، فذلك مكروه، لأن فيه انقطاع النسل. ألا تراه! يقول في ذلك الحديث منها نشأت الخلق، أي: فإذا فعل لم ينشأ شيء من ذلك الخلق، فذلك مكروه. فأما ما كان من الإخصاء الذي لا ينقطع منه نشء الخلق، فهو بخلاف ذلك.
وقد روي في إباحة إخصاء البهائم عن جماعة من المتقدمين