للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم (١)، عن جندب قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكُمِ خليل، فإن الله اتخذني خليلًا، كما اتخذ إبراهيم خليلًا، ولو كُنْتُ متخذًا خليلًا (٢)، لاتخذت أبا بكر خليلًا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهما مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك".

وعن أنس (٣)، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينةَ فنزلَ في عُلْوٍ المدينة في حي يُقال له بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرةَ ليلة، ثم إنْهُ أرسل إلى ملإِ بني النجار، فجاءُوا متقلدين بسيوفِهِم، قال: وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر رِدْفُهُ، وملأٌ بني النجار حولَهُ، حتى ألْقَى بفناء أبي أيوب، قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى حيثُ أدركتهُ الصلاةُ، ويُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ، ثم إِنهُ أمر باالمسجدِ فأرسل إلى ملإِ بني النجار، فجاؤا، فقال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا" قالوا: لا والله! ما نطلب ثمنَهُ إلا إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- قال أنس: فكان فيه ما أقولُ: كان فيه نخلٌ وقبورُ المشركين وخِرَبٌ (٤)، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالنخلِ فَقُطِعَ، وبقُبورِ الشركينَ فنُبِشَتْ، وبالخِرَبِ فَسُويَتْ. قال: فصفوا النخل (٥)، وجعلوا عِضَادَتَيْهِ (٦) حجارةً، قال: فكانوا يرتجزون (٧) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهما وهم يقولون:

اللهم لا خير إلا خير الآخرهْ ... فانصر الأنصار والمهاجرهْ


(١) مسلم: (١/ ٣٧٧ - ٣٧٨) (٥) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (٣) باب عن بناء المساجد على القبور - رقم (٢٣).
(٢) مسلم: (ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا).
(٣) مسلم: (١/ ٣٧٣ - ٣٧٤) (٥) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١) باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (٩).
(٤) خرب: بكسر الخاء أو فتحها وكسر الراء أو فتحها كلاهما صحيح وهو ما تخرب من البناء.
(٥) مسلم: (فصفوا النخل قبلة).
(٦) عضادتيه: العضادة جانب الباب.
(٧) يرتجزون: أي ينشدون الأراجيز لنفوسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>