للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أن النصوص الشرعية تؤيد هذا القول جداً، فحدث عبد الله ابن مسعود، عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش، ما بقى من الناس اثنان" رواه الشيخان (١)، وحدث عتبة بن

عبد عنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الخلافة في قريش" رواه أحمد (٢)

وغيره، وفي الباب أحاديث أخرى.

قال النووي: هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإِحماع في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإحماع الصحابة والتابعين، فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة -ثم نقل عن القاضى قوله- اشتراط كونه قرشياً هو مذهب العلماء كافة ... وقد احتج به أبو بكر وعمر - رضى الله عنهما - على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، ... وقد عدَّها العلماء في مسائل الإِجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار ... ولا اعتداد يقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش (٣).

ومن ثم مال أبو محمد لابن غانية، لأنه يدعو لبنى العباس، وتولى لهم الخطابة والقضاء وامتنع عن ذلك للموحدين.

ينضاف إلى ذلك ما عاينه أبو محمد من ادعائهم العصمة لزعيمهم ابن تومرت، وزعمهم أنه المهدي المنتظر، وحملهم أهل المغرب على ما كتبه ابن تومرت في "المرشدة"، وقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية في "درء تعارض


(١) البخاري: (١٣/ ١١٢) (٩٣) كتاب الأحكام (٢) باب الأمراء من قريش، رقم (٧٤٠).
مسلم: (١٣/ ١٤٥٢) (٣٣) كتاب الإِمارة (١) باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم (١٨٢٠). واللفظ له.
(٢) المسند: (٤/ ١٨٥).
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي: (١٢/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>